للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكالمبرد في كتابه الأدبى (١) . وأين عقله من عقل ثعلب الإمام المتقدم في أماليه، فإنه ساقها بطريقة أدبية سالمة من الطعن على أفاضل الأمة. وأما المبتدع المحتال فالمسعودي، فإنه يأتي منه متاخمة الإلحاد فيما روى من ذلك، وأما البدعة فلا شك فيه (٢) . فإذا صنتم أسماعكم وأبصاركم عن مطالعة الباطل، ولم تسمعوا في خليفة مما ينسب إليه ما لا يليق ويذكر [عنه] ما لا يجوز نقله، كنتم على منهج السلف سائرين، وعن سبيل الباطل ناكبين.

فهذا مالك رضي الله عنه قد احتج بقضاء عبد الملك بن مروان في موطئه وأبرزه في جملة قواعد الشريعة (٣) .


(١) المبرد ينزع إلى شيء من رأي الخوارج، وله فيهم هوى. وإن إمامته في اللغة والأدب لا تغطي على ضعفه في علم الرواية والإسناد. وإذا كان أبو حامد الغزالي على جلالته في العلوم الشرعية والعقلية لم يتجاوز له العلماء عن ضعفه في علوم الإسناد فأحرى ألا يتجاوزوا عن مثل ذلك للمبرد. وعلى كل حال فكل خبر مما مضى أو سيأتي - في أمتنا أو في أي أمة غيرها - يحتمل الصدق والكذب حتى يثبت صدقه أو كذبه على محك الاختبار وبالبحث العلمي.
(٢) علي بن الحسين المسعودي يعده الشيعة من شيوخهم وكبارهم، ويذكر له المامقاني في تنقيح المقال (٢: ٢٨٢ -٢٨٣) مؤلفات في الوصاية وعصمة الإمام وغير ذلك مما يكشف عن عصبيته والتزامه غير سبيل أهل السنه المحمدية. ومن طبيعة التشيع والتحزب والتعصب البعد بصاحبه عن الاعتدال والإنصاف.
(٣) من ذلك ما جاء في (باب المستكرهة من النساء) بكتاب الأقضية من الموطأ (ص٧٣٤) : حدثني مالك عن ابن شهاب أن عبد الملك بن مروان قضى في امرأة أصيبت مستكرهة بصداقها على من فعل ذلك بها. وفي كتاب المكاتب من الموطأ (ص٧٨٨) قضاء آخر لعبد الملك، وفي كتاب العقول من الموطأ (ص ٨٧٢) قضاء له أيضا. أما أبوه مروان بن الحكم فأقضيته وفتاواه كثيرة في الموطأ وغيره من كتب السنة المتداولة في أيدي أئمة المسلمين يعملون بها من أيام الخير إلى الآن. وانظر لورع مروان وابنه عبد الملك حديث مالك عن ابن أبي عبلة في كتاب النكاح من الموطأ (ص ٥٤٠) .

<<  <   >  >>