للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

، ويراهم يتسعون في المراكب والملابس حين وجدوا، فينكر ذلك عليهم، ويريد تفريق جميع ذلك من بين أيديهم، وهو غير لازم. قال ابن عمر وغيره من الصحابة: إن ما أديت زكاته فليس بكنز (١) فوقع بين أبي ذر ومعاوية كلام بالشام (٢) فخرج إلى المدينة، فاجتمع إليه الناس، فجعل يسلك تلك الطرق، فقال له عثمان: " لو اعتزلتَ ". معناه: إنك على مذهب لا يصلح لمخالطة الناس، فإن للخلطة شروطا وللعزلة مثلها (٣) ومن كان على طريقة أبي ذرّ فحاله يقتضي أن ينفرد بنفسه، أو يخالط ويسلِّم لكل أحد حاله مما ليس بحرام في الشريعة، فخرج إلى الربذة زاهدا فاضلا، وترك جلة فضلاء، وكل على خير وبركة وفضل، وحال


(١) انظر البيان الفقهي والتفصيل الشرعي لهذه المسألة في منهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية (٣: ١٩٨ - ١٩٩) ومقالتنا في مجلة الأزهر (شوال ١٣٧٤) .
(٢) نقل الطبري (٥: ٦٦) وأكثر المصادر الإسلامية أنه لما ورد ابن السوداء (عبد الله بن سبأ) الشام لقي أبا ذر فقال: يا أبا ذر ألا تعجب إلى معاوية يقول: " المال مال الله، ألا إن كل شيء لله " كأنه يريد أن يحتجنه دون المسلمين، ويمحو اسم المسلمين. فأتاه أبو ذر فقال: ما يدعوك إلى أن تسمي مال المسلمين " مال الله "؟ قال معاوية: يرحمك الله يا أبا ذر، ألسنا عباد الله والمال ماله والخلق والأمر أمره؟ قال أبو ذر: فلا تقله. قال معاوية: فإني لا أقول أنه ليس لله، ولكن سأقول " مال المسلمين ": وأتى ابن السوداء (عبد الله بن سبأ) أبا الدرداء، فقال له (أبو الدرداء) : من أنت أظنك والله يهوديا. فأتى (ابن سبأ) عبادة بن الصامت، فتعلق به (ابن الصامت) فأتى به معاوية فقال: هذا والله الذي بعث عليك أبا ذر.
(٣) وقد أحسن الكلام على ذلك أبو سليمان الخطابي في كتاب (العزلة) .

<<  <   >  >>