للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بن الخطاب - رضي الله عنه - سجن ابن مسعود في نفر من الصحابة سنة بالمدينة حتى استُشهد، فأطلقهم عثمان، وكان سجنهم لأن القوم أكثروا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (١) .

ووقع بين أبي ذر ومعاوية كلام، وكان أبو ذر يطلق من الكلام ما لم يكن يقوله في زمان عمر، فأعلم معاوية بذلك عثمان، وخشي من العامة أن تثور منهم فتنة، فإن أبا ذر كان يحملهم على التزهد وأمور لا يحتملها الناس كلهم، وإنما هي مخصوصة ببعضهم، فكتب إليه عثمان - كما قدمنا - أن يَقدم المدينة، فلما قدم اجتمع إليه الناس، فقال لعثمان: أريد الربذة. فقال له: افعل. فاعتزل. ولم يكن يصلح له إلا ذلك لطريقته (٢) .


(١) في كتاب الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (٢: ١٣٩) خبر مرسل رواه شعبة عن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه (إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف) قال: قال عمر لابن مسعود ولأبي الدرداء ولأبي ذر " ما هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ". قال: وأحسبه لم يدعهم أن يخرجوا من المدينة حتى مات. وقد نبه ابن حزم على أن هذا الخبر مرسل ولا يجوز الاحتجاج به، وعلق عليه الشيخ أحمد شاكر بأن البيهقي وافق ابن حزم على أن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (المتوفى سة ٦٦ أو ٦٥ عن ٧٥ سنة) لم يسمع من عمر. ولست أدري هل اعتمد ابن العربي في هذه الفقرة على هذا الخبر المرسل أم على خبر آخر لم نطلع عليه. وليس في الخبر - على ضعفه - ذكر السجن.
(٢) وقد صح من حديث عبد الله بن الصامت عند ابن حبان (برقم: ١٥٤٩ موارد الظمآن) أن أبا ذر هو الذي استأذن عند عثمان أن يقيم في الربذة. وذكر القاضي ولي الدين بن خلدون في العبر (بقية ٢: ١٣٩) أن أبا ذر استأذن عثمان في الخروج من المدينة وقال: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أخرج منها إذا بلغ البناء سلعا " فأذن له، ونزل الربذة وبنى بها مسجدا، وأقطعه عثمان صرمة من الإبل، وأعطاه مملوكين، وأجرى عليه رزقا. وكان يتعاهد المدينة. وبين المدينة والربذة ثلاثة أميال، قال ياقوت: وكانت من أحسن منزل في طريق مكة.

<<  <   >  >>