ويميل إلى الاستلقاء، ويحذر النوم عقيب الفصد، فإنه يحدث انكساراً في الأعضاء، ومن افتصد وتورمت عليه اليد، فليفصد في اليد الأخرى بمقدار الاحتمال، وينبغي أن يكون مع الفاسد مباضع كثيرة في دقة الشعرة وغيرها، وأن يكون معه كبة من حرير، أو شيء من آلة القيء، من خشب، أو ريش، وأن يكون معه الأرنب، ودواء الصبر، والكندر، وصفته أن يؤخذ من الكندر، والصبر، والمر، ودم الأخوين، من كل واحد جزء يعمل كالمرهم، ويرفعه عنده لوقت الحاجة إليه، وأن يكون معه نافجة مسك، وأقراص المسك، ويعتمد جميع ما ذكرناه، حتى إذا عرض للمفصود غشى بادر بسرعة فألقم الموضع الكبة الحرير، وقيأه بآلة القيء، وشممه النافجة، وجرّعه من أقراص المسك شيئاً، فتنتعش قوته بذلك، وإن وجد فتوق دم، من عرق، أو شريان، حشاه من وبر الأرنب.
ولا يضرب بمبضع كال، فإنه كثير المضرة؛ لأنه يخطئ ولا يلحق [العرق]، فيورم، ويوجع، ويمسح رأس مبضعه بالزيت؛ لأنه لا يوجع عند البضع، غير أنه بطيء الالتحام، وإذا أخذ المبضع، فليأخذه بالإبهام والوسطى، ويترك السبابة للجس، ويكون الأخذ منه على النصف، ولا يكون فوق ذلك، فيكون التمكن منه مضراً، ولا يدفع المبضع باليد غمزاً، بل يكون دفعها بالاختلاس، ليوصل طرف المبضع حشو العروق.
ولم أر [أحداً] أحذق في صناعة الفصد من رجلين رأيتهما بمدينة حلب، افتخر كل واحد منهما على صاحبه، فأما أحدهما [فإنه] لبس غلالة، وشد يده من فوق الغلالة، وانغمس في بركة، ثم فصد يده [في قاع الماء من فوق الغلالة، وأما الآخر فمسك المبضع بإبهام رجله اليسرى، ثم فصد يده].
واعلم أنه ينبغي أن يوسع البضع في الشتاء؛ لئلا يجمد الدم، ويضيقه في الصيف؛ لئلا يسرع إلى الغشى، ومتى تغير لون الدم، أو حدث غشى وضعف في النبض، فيبادر إلى رده ومسكه.
واعلم وفقك الله أن العروق المفصودة كثيرة، منها في الرأس، وعروق في اليدين،