للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبعضها يقول أن أباها الأشعث بن قيس هو الذي أمرها بذلك (١).

وبعضها يتهم معاوية - رضي الله عنه - بأن أوعز إلى بعض خدمه فسمّه.

وبعضها يتهم ابنه يزيد.

وهذا التضارب في حادثة كهذه، يضعف هذه النقول؛ لأنها يعزوها النقل الثابت بذلك، والرافضة ـ خيبهم الله ـ لم يعجبهم من هؤلاء إلا الصحابي الجليل معاوية - رضي الله عنه - يلصقون به التهمة، مع أنه أبعد هؤلاء عنها.

رابعًا: إن من الدلالة على ضعف تلك الاتهامات وعدم استنادها إلى معقول أو محسوس، ما ذكر حول علاقة جعدة بنت قيس بمعاوية ويزيد، حيث زعموا أن يزيد بن معاوية أرسل إلى جعدة بنت قيس أن سُمّي حسنًا فإني سأتزوجك، ففعلت، فلما مات الحسن بعثت جعدة إلى يزيد تسأله الوفاء، فقال: «إنا والله لم نرضك له أفنرضاك لأنفسنا».

ولعل الناقد لمتن هذه الرواية يتجلى له عدة أمور:

* هل معاوية - رضي الله عنه - أو ولده يزيد بهذه السذاجة ليأمرا امرأة الحسن بهذا الأمر الخطير، الذي فيه وضع حد لحياة الحسن بن علي - رضي الله عنهما - غيلة، وما هو موقف معاوية أو ولده أمام المسلمين لو أن جعدة كشفت أمرهما؟!


(١) الأشعث بن قيس بن معد يكرب الكندي، أبو محمد، له صحبة، وفد على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - سنة عشر في سبعين راكبًا من كندة وكان من ملوك كنده، فأسلم، وشهد اليرموك فأصيبت عينه وكان مع عليّ يوم صِفِّين وحضر معه وقعة النهروان ثم عاد إلى الكوفة فتوفى فيها سنة ٤٠هـ.
روى له البخاري ومسلم تسعة أحاديث. (انظر ترجمته في: الإصابة ١/ ٦٦؛ الأعلام ١/ ٣٣٣ - ٣٣٤).
ومما يدل على كذب هذه الرواية أن الأشعث بن قيس - رضي الله عنه - مات سنة أربعين، وقيل إحدى وأربعين، ولهذا لم يذكر في الصلح الذي كان بين معاوية والحسن بن علي، في العام الذي كان يسمى عام الجماعة، وهو عام ٤١هـ، وكان الأشعث حما الحسن بن عليّ، فلو كان شاهدًا لكان يكون له ذكر في ذلك، وإذا كان قد مات قبل الحسن بنحو عشر سنين، فكيف يكون هو الذي أمر ابنته أن تسم الحسن؟!!

<<  <   >  >>