للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورواة هذه الروايات كلهم من الشيعة الروافض.

وكذلك روايات باطلة وموضوعة عند المسعودي وكتاب (الإمامة والسياسة) المنسوب لابن قتيبة وغيرها تمسخ عمرو بن العاص إلى رجل مصالح، وصاحب مطامع وراغب دنيا.

وقد تأثر بالروايات الضعيفة والموضوعة والسقيمة مجموعة من الكتّاب والمؤرَّخين، فأهووا بعمرو إلى الحضيض، ومنهم عباس محمود العقَّاد الذي يتعالى عن النَّظر في الإسناد، ويستخفُّ بقارئه، ويظهر له صورة معاوية وعمرو - رضي الله عنهما - بأنَّهما انتهازيَّان، صاحبا مصالح، ولو أجمع النّاقدون التاريخيون على بطلان الرِّوايات التي استند إليها في تحليله فهذا لا يعني للعقَّاد شيئًا.

فقد قال بعد أن ذكر روايات ضعيفة، واهية، لا تقوم بها حجة: « ... ولْيَقُل الناقدون التاريخيون ما بدا لهم أن يقولوا في صدق هذا الحوار، وصحَّة هذه الكلمات، وما ثبت نقلة، ولم يثبت منه سنده، ولا نصُّه فالذي لا ريب فيه، ولو أجمعت التواريخ قاطبة على نقضه: أن الاتفاق بين الرجلين، كان اتفاق مساومة، ومعاونة على الملك، والولاية، وأن المساومة بينهما كانت على النصَّيب الذي آل على كلِّ منهما، ولولاه لما كان بينهما اتفاق» (١).

وما عرف من صحة إسلام وتقوى معاوية وعمرو - رضي الله عنهما -، وتاريخهما المضيء في خدمة دين الله منذ أسلما مما يرد على تلك الروايات الضعيفة والموضوعة والسقيمة التي لاقت رواجًا واستقرارًا في تشويههما بالظلم والبهتان.

ففي معاوية يكفي دعاء رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عندما قال: «اللهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا وَاهْدِ بِهِ» (رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني).

(هَادِيًا) أَيْ لِلنَّاسِ أَوْ دَالًّا عَلَى الْخَيْرِ. (مَهْدِيًّا) أَيْ مُهْتَدِيًا فِي نَفْسِهِ.


(١) عمرو بن العاص للعقاد (ص٢٣١ - ٢٣٢).

<<  <   >  >>