للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صدق ربي وعده وتكالبوا جميعًا، وصدق رسوله فتداعوا جميعًا على قصعة الإسلام وثروات المسلمين، يريدون أن يطفئوا نور الله، فتعجز أفواههم العفنة، فيدورون ويناورون، فيرمون الرجال، وخيرهم نبي هذا الدين - صلى الله عليه وآله وسلم -، فيرومون نسف الجبل الأشم فلا يُوهُون إلا قرونهم، فيقصدون أصحابه، لينالوا من صخرتهم الباذخة (١)، ليقال: «رجل سوء وصحبته صحبة سوء»، فتتحطم رؤوسهم، وتنفجر آذانهم بدويّ الحق من ربهم: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (٢)، وصحبة الصدق في قرآنهم: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (٢٩)} (٣).

ولكنهم لا يزالون يقاتلون، فيرمون أبا بكر وعمر وعائشة وغيرهم - رضي الله عنهم -، وهاهم أولاء يقصدون معاوية - رضي الله عنه -، يريدون كما أراد أسلافهم أن يكسبوا جولة في معركة التشويه، ويريدون ما هو أخطر: أن يفسخوا وجدان الأمة؛ لتفرق في محبتها بين معاوية وعلي - رضي الله عنهما -، وأن يُفقدوها ثقتها في خلفائها وملوكها، وفاتحيها ومجاهديها، الذين أذلوا الفرس والروم من قبل، ولا يزالون بفضل الله شوكة في حلوق أحفادهم


(١) بَذِخَ الْجَبَلُ يَبْذَخُ بَذَخًا: طَالَ فَهُوَ بَاذِخٌ. انظر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، مادة (ب ذ خ).
(٢) التوبة:١٠٠.
(٣) الفتح:٢٩.

<<  <   >  >>