للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولعلنا من ذلك أيضًا نستخلص طريقة تربوية نسلكها مع أبنائنا قبل سن التكليف، فمع تعويدهم على أداء عبادات الجوارح المختلفة، إلا أن الجهد الأكبر ينبغي أن ينصب على تعريفهم بالله عز وجل، وتحبيبهم فيه، وتعظيم قدره في قلوبهم، وتعريفهم بأنفسهم، وأنهم لا شيء بدون ربهم .. انظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوجِّه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ويغرس فيه هذه المعاني فيقول له:

«يا غلام، إني أُعلمك كلمات؛ احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضرُّوك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام، وجفَّت الصحف» (١).

[الخلاصة]

وخلاصة القول في هذا الفصل أن التربية الإيمانية الصحيحة التي تُقرب العبد من ربه، وتُثمر سلوكًا صحيحًا في حياة الفرد لها جناحان: أعمال القلوب وأعمال الجوارح .. الإيمان والعمل الصالح.

مع التأكيد على أن أعمال القلوب تسبق أعمال الجوارح في الأهمية والترتيب، شريطة ألا يُهمل العمل الصالح فهو بمثابة الماء للبذرة {وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا} [الفرقان: ٧١].

وفي الصفحات القادمة - بإذن الله - سيتم إفراد الحديث عن كيفية بناء القاعدة الإيمانية باتساعها في القلب، وحديث آخر عن كيفية الانتفاع بالعمل الصالح في زيادة الإيمان، والله المُوفق.


(١) حديث صحيح. رواه الترمذي (٢٥١٦)، وصححه الشيخ الألباني في مشكاة المصابيح برقم (٥٣٠٢).

<<  <   >  >>