للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[وسائل التحفيز]

أولًا: السؤال

السؤال يستثير مشاعر الرغبة داخل الإنسان لمعرفة الإجابة، والسؤال كذلك يشغل الذهن بطلب الإجابة، ومن ثمَّ فهو من الوسائل المهمة لتنبيه العقل، فإذا ما انتبه العقل كان من السهل استثارة المشاعر بالوسائل الأخرى.

لذلك علينا أن نسأل أنفسنا قبل أداء العمل:

لماذا أقوم بهذا العمل؟!

ثم نبحث عن الإجابة من خلال استعراض الوسائل الأخرى التي ستأتي لاحقًا - بإذن الله - وأهمها: تذكُّر أن الله عز وجل يحب هذا العمل، وتذكر فضله وأهميته ..

تأمل قوله تعالى لموسى عليه السلام: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى} [طه: ١٧]

فالله عز وجل يعلم أن ما بيمينه عصا، ولكن المطلوب هو تركيز انتباه موسى - عليه السلام - لأقصى درجة.

والقرآن مليء بالتوجيهات والمعاني الإيمانية التي تسبقها أسئلة، كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الصف: ١٠].

وقوله: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} [الكهف: ١٠٣].

وقوله: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ} [النبأ: ١، ٢].

والسنة كذلك مليئة بتوجيهات ومعانٍ إيمانية تسبقها أسئلة:

قال صلى الله عليه وسلم: «أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى عنه ما عليه أُخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار» (١).

وقوله: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة، إصلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة» (٢).

وقوله: «ألا أدلك على سيد الاستغفار؟! اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، وأبوء إليك بنعمتك علي، وأعترف بذنوبي، فاغفر لي ذنوبي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، لا يقولها أحدكم حين يُمسي فيأتي عليه قدر قبل أن يُصبح إلا وجبت له الجنة، ولا يقولها حين يُصبح فيأتي عليه قدر قبل أن يُمسي إلا وجبت له الجنة» (٣).

فعندما نذهب للوضوء نسأل أنفسنا: لماذا نتوضأ؟.

وعندما نذهب للصلاة في المسجد نسأل أنفسنا: لماذا نصلي في المسجد؟.

وعندما نذهب لصلة أرحامنا نسأل أنفسنا: لماذا نذهب إليهم؟ ...

وهكذا في كل أعمالنا ...

ثانيًا: تذكُّر الله عز وجل

من الوسائل المهمة التي تحفز للعمل، وتوجه النية توجيهًا صحيحًا: تذكُّر الله عز وجل في هذا العمل، وكيف أنه سبحانه وتعالى يحب من عبده القيام بهذا العمل، وأنه - سبحانه - يباهي بنا الملائكة عندما نقوم به، وأن هذا العمل وسيلة لنيل مرضاته، وأن العبودية له سبحانه تستدعي القرب منه بالأعمال الصالحة، فتستثير هذه المعاني - عندما نتذكرها - مشاعر الشوق والرغبة في الله عز وجل.

والآيات التي تؤكد هذا المعنى كثيرة.

منها قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: ٢٢٢].

وقوله: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: ١١٠].


(١) أخرجه مسلم (٨/ ١٨).
(٢) حديث صحيح: أخرجه أبو داود (٤/ ٢٨٠، رقم ٤٩١٩)، والترمذي (٤/ ٦٦٣، رقم ٢٥٠٩). وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع، حديث رقم (٢٥٩٥).
(٣) حديث صحيح: أخرجه الترمذي (٥/ ٤٦٧، رقم ٣٣٩٣)، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع رقم (٢٦١٢).

<<  <   >  >>