للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي فضل قيام الليل يقول صلى الله عليه وسلم: «عليكم بقيام الليل؛ فإنه دأب الصالحين قبلكم، وإن قيام الليل قربة إلى الله، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد» (١).

فعلينا إذن الاجتهاد بتذكير أنفسنا بفضل العمل قبل القيام به، وهذا يستدعي منا النظر في كتب فضائل الأعمال كالمتجر الرابح للحافظ الدمياطي وغيره.

رابعًا: التذكير بأهمية العمل

مشاعر الرغبة داخل القلب تستثار كلما أدرك المرء أهمية العمل الذي ينوي القيام به، فعلى سبيل المثال: إذا ما قام العبد بتذكير نفسه قبل قراءة القرآن بأنه سيقرأ كلام الله وما فيه من روعة وجلال، وأنه سيتناول الدواء الرباني الذي فيه شفاؤه، وأنه سيتعرض للنور المبين الذي يبدد الظلمات في عقله وقلبه، وأن الملائكة تقترب منه لتسمع قراءته و ... ، فإن ذلك من شأنه أن يستثير مشاعر الرغبة والشوق نحوه، فيقبل عليه إقبال الظمآن على الماء.

وإذا ما قام المرء بتذكير نفسه قبل زيارته لمريض أن هذه الزيارة سترفع معنويات المريض - بإذن الله - وتُسرّي عنه، وأنه سوف يجني منها رقة في قلبه، وامتنانًا لربه لأنها ستذكره بنعمة العافية التي يتقلب فيها، و ... ، فمن المتوقع أن يُقبل عليها بمشاعر متأججة.

وعند الإنفاق في سبيل الله يُذكِّر المرء نفسه بأن هذا الإنفاق قد يكون سببًا في إنقاذ مريض من الموت، وسد حاجة فقير معسر، وشكر لنعمة اليسار والغنى ..

وعند قيام الليل يُذكِّر المرء نفسه بأن هذا القيام هو شرفه وعزه، وأنه من أفضل أوقات استجابة الدعاء، وأنه يعطي قوة في البدن وانشراحًا في الصدر، وبركة في اليوم.

خامسًا: الترهيب من ترك العمل

من طبيعة النفس أنها إذا ما خُوفت خافت، فإذا ما نجحنا في تذكير أنفسنا بخطورة ترك العمل الصالح أو التهاون في أدائه وما قد يترتب على ذلك من أضرار في الدنيا والآخرة؛ فإنها ستدفعنا للقيام به.

يقول أحد الأصدقاء: توجد لوحة إرشادية على أحد الجدران الخارجية لمسجد يقع على طريق سريع، مكتوب عليها: نظرًا لكثرة حوادث العبور من الطريق السريع عليك باستخدام نفق المشاة ..

ويستطرد قائلًا: كلما قرأت هذه اللوحة أجد نفسي تدفعني للعبور من النفق.

من هنا نقول: بأن من الوسائل المهمة لاستثارة مشاعر الرهبة والشعور بالخطر الدافعة للعمل: التذكير بخطورة ترك العمل الصالح، أو بخطورة الإقدام على فعل المعاصي.

وهنا الكثير من الآيات والأحاديث التي تتحدث في هذا الشأن.

ومن ذلك قوله تعالى في الترهيب من ترك الإنفاق: {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: ٣٨].

وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المنافقون: ٩].

وقوله صلى الله عليه وسلم في الترهيب من عدم إتمام الصلاة: «أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته»، قالوا: كيف يسرق من صلاته؟ قال: «لا يتم ركوعها ولا سجودها ولا خشوعها» (٢).


(١) حديث صحيح: أخرجه الترمذي (٥/ ٥٥٢، رقم ٣٥٤٩)، والبيهقي (٢/ ٥٠٢، رقم ٤٤٢٥)، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع حديث رقم: ٤٠٧٩، بدون لفظة (ومطردة للداء عن الجسد) فإنها ضعيفة عنده.
(٢) حديث صحيح: أخرجه أحمد (٥/ ٣١٠، رقم ٢٢٦٩٥)، والحاكم (١/ ٣٥٣، رقم ٨٣٥)، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (رقم: ٩٨٦).

<<  <   >  >>