للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من هنا كان الحث في القرآن والسنة على ضرورة المداومة على تلاوة القرآن حتى يتحقق مقصوده العظيم بتحصيل العلم والإيمان والترقي في مدارج السائرين إلى الله.

فمن الآيات قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ} [فاطر: ٢٩].

وقوله: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩١) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ} [النمل: ٩١، ٩٢].

وقوله: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ} [العنكبوت: ٤٥].

ومن الأحاديث النبوية، قوله صلى الله عليه وسلم: «تعاهدوا القرآن، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تَفَصِّيًا من قلوب الرجال من الإبل من عُقلها» (١).

وقوله: «اقرؤوا القرآن واعملوا به، ولا تجفوا عنه، ولا تغلوا فيه، ولا تأكلوا به، ولا تستأثروا به» (٢).

ولمّا جاء وفد ثقيف إلى المدينة أنزلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة بين المسجد، وبين أهله، فكان يأتيهم ويُحدثهم بعد العشاء، وفي ليلة من الليالي تأخر عليهم ثم أتاهم، فقالوا له: يا رسول الله، لبثت عنَّا الليلة أكثر مما كنت تلبث، فقال: «نعم، طرأ عليّ حزبي من القرآن فكرهت أن أخرج من المسجد حتى أقضيه» (٣).

ولكي يقع هذا الحث النبوي مواقعه الصحيحة فلا يؤدي إلى إسراع البعض في القراءة دون تفكُّر وتفهُّم وتدبُّر كانت التوجيهات النبوية بضرورة التركيز وجمع العقل مع التلاوة، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا قام أحدكم من الليل فاستعجم القرآن على لسانه فلم يدر ما يقول، فلينصرف فليضطجع» (٤).

وقوله لعبد الله بن عمرو بن العاص وهو يوضح له سبب نهيه عن قراءة القرآن في أقل من ثلاثة أيام: «لا يفقهه من يقرؤه في أقل من ثلاث» (٥).

وعندما نزلت آيات سورة آل عمران {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران: ١٩٠]. قال صلى الله عليه وسلم «ويل لمن قرأ هذه الآيات ثم لم يتفكر فيها» (٦).


(١) أخرجه البخاري (٤/ ١٩٢١، رقم ٤٧٤٦)، ومسلم (١/ ٥٤٥، رقم ٧٩١).
(٢) حديث صحيح: أخرجه أحمد (٣/ ٤٢٨، رقم ١٥٥٦٨)، وأبو يعلى (٣/ ٨٨، رقم ١٥١٨)، وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة.
(٣) حديث حسن: أخرجه، وأبو داود (٢/ ٥٥، رقم ١٣٩٣)، وابن ماجه (١/ ٤٢٧، رقم ١٣٤٥)، و أحمد (٤/ ٩، رقم ١٦٢١١) حسنه الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (١/ ٢٧٦) والحافظ ابن حجر كما في "الفتوحات" لابن علان (٣/ ٢٢٩).
(٤) أخرجه مسلم (١/ ٥٤٣، رقم ٧٨٧).
(٥) حديث صحيح: أخرجه أحمد (١١/ ١٠٤، برقم ٦٥٤٦)، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع، حديث رقم (١١٥٧).
(٦) حديث صحيح: أخرجه ابن حبان في صحيحه (٢/ ٣٨٦، برقم ٦٢٠)، وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة برقم ٦٨.

<<  <   >  >>