للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخروج من الإيمان بالمعاصي وما ورد فيه]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب: الخروج من الإيمان بالمعاصي.

قال أبو عبيد: أما هذا الذي فيه ذكر الذنوب والجرائم؛ فإن الآثار جاءت بالتغليظ على أربعة أنواع: فاثنان منها فيها نفي الإيمان والبراءة من النبي صلى الله عليه وسلم، والآخران فيها تسمية الكفر وذكر الشرك، وكل نوع من هذه الأربعة تجمع أحاديث ذوات عدة].

عقد المؤلف رحمه الله هذا الباب لبيان النصوص التي فيها أن أصحاب المعاصي يخرجون من الإيمان، وتأويلها عند أهل السنة والجماعة، فجاءت النصوص في الكتاب والسنة بنفي الإيمان عن أهل المعاصي، وهي أنواع كما ذكر المؤلف: النوع الأول: نفي الإيمان؛ كحديث: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن)، النوع الثاني: براءة النبي صلى الله عليه وسلم، كحديث: (برئ النبي صلى الله عليه وسلم من الحالقة والصالقة والشاقة) فالحالقة هي التي تحلق شعرها عند المصيبة، والصالقة هي التي ترفع صوتها عند المصيبة، والشاقة هي التي تشق ثوبها عند المصيبة.

النوع الثالث: تسميته بالكفر، كحديث: (اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت).

النوع الرابع: تسميته بالشرك، كحديث: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك).

والخلاصة أن نفي الإيمان عند أهل السنة والجماعة في قوله: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) المراد به نفي كمال الإيمان، لا أصل الإيمان، فالزاني والسارق وشارب الخمر إذا لم يستحل ذلك ليس كافراً، بل هو مؤمن ضعيف الإيمان، وناقص الإيمان؛ لأنه لو كان كافراً لقتل ولم يقم عليه الحد، كما في الحديث: (من بدل دينه فاقتلوه).

أما حديث: (برئ النبي صلى الله عليه وسلم من الصالقة والشاقة)، فلا يدل على أن ذلك كفر، بل المراد أن فاعل ذلك مرتكب لكبيرة، فالنبي صلى الله عليه وسلم تبرأ من فعله.

وما جاء تسميته كفراً فالمراد به في هذه النصوص الكفر الأصغر الذي لا يخرج من الملة، فيكون صاحبه ضعيف الإيمان ناقص الإيمان، وكذلك الشرك في حديث: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك) يعني: شركاً أصغر غير مخرج من الملة، فتكون النصوص التي فيها بيان أن مرتكب الكبيرة يخرج من الإيمان على هذه الأنواع الأربعة، وقد ينفعه الإيمان، وإن كان قد تبرأ منه النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان قد وصف بالكفر وقد وصف بالشرك.

<<  <  ج: ص:  >  >>