[كيفية التعامل مع الوالد الذي يعاتب ابنه المستقيم]
السؤال
يزجرني أبي على إعفائي لحيتي وتقصير ثوبي علماً بأنه يصلي في المسجد الصلوات الخمس، ويقرأ في اليوم ما يزيد على جزءين، وإذا كنا في مجلس فيه شيخ يتحدث أنصت إليه متعجباً، وإذا كنا في البيت رأيته من شياطين الإنس والعياذ بالله، ومن جملة ما يقول: الإيمان في القلب ولكني لا أحب هذه المظاهر كاللحية الطويلة والثوب القصير، وإذا جادلته بالحكمة والدليل قال: اسكت ولا تتفلسف، ووصلت به الحال إلى أن قال: إن بقيت على هذه الحال فلا أريدك في بيتي؟
الجواب
قولك:(إنه من شياطين الإنس) هذا خطأ منك، فليس لك أن تصفه بهذا الوصف، الوالد مهما عمل فإنه والد يجب عليك أن تحسن إليه، وأن تبره، حتى ولو كان كافراً، فيجب عليك أن تحسن إليه وتنفق عليه، قال الله تعالى في الوالدين الكافرين:{وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا}[لقمان:١٥].
ثم قال:{وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}[لقمان:١٥].
فيجب عليك أن تحسن إلى والدك وتتلطف له، فهو السبب في وجودك، لكن لا تطعه في المعصية، إذا أمرك بحلق اللحية لا تطعه، أمرك بإرخاء ثيابك تحت الكعب لا تطعه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:(لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، وإذا جادلته تبين له الدليل باللين والرفق، واترك الجدال العقيم، ويمكنك أن تتفق مع بعض الدعاة لكي ينصحوه ويبينوا له الحق، وإذا خفت على دينك ودعت الحاجة إلى أن تخرج فاخرج من البيت واسكن في محل ليس فيه ضرر على دينك، أو خفت أن يفتنك في دينك أو يؤذيك، فاخرج وزره على فترات وأحسن إليه، واتصل به هاتفياً، وادعو له وتلطف معه، ولا تطعه في المعاصي.
ونحن نسأل الله لنا وله الهداية، ومن حقه عليك: أن تدعو له بظهر الغيب في أوقات الإجابة أن الله يهديه، كما كانت أم أبي هريرة رضي الله عنه، فقد كانت قبل أن تسلم تسب النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يشق هذا على أبي هريرة مشقة عظيمة حتى يأتي يبكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويطلب منه أن يدعو لها، فدعا لها، ثم جاء بعد ذلك ورآها تغتسل وأسلمت ففرح بذلك، وبكى من الفرح، فعليك أن تدعو لوالدك بظهر الغيب في أوقات الإجابة، وتتلطف معه، وتحسن إليه، وتخاطبه بالتي هي أحسن، وتنصحه باللين والرفق، وتهدي له كتيبات أو أشرطة، وتدعو أحد الدعاة أو من ينصحه أو يجادله ويبين له الحق لعل الله أن يهديه، نسأل الله لنا وله الهداية والثبات.