ما حكم السلام على أهل البدع وأصحاب المذاهب والفرق الضالة؟
الجواب
أهل البدع لا يسلم عليهم، بل يهجرون إذا كانوا مظهرين لبدعتهم، فقد كان السلف يهجرونهم ولا يسلمون عليهم ولا يكلمونهم، ومسألة الهجر للعصاة والمبتدعة فيها تفصيل لأهل العلم، والصواب في هذه المسألة هو ما قرره العلماء والمحققون -كشيخ الإسلام ابن تيمية - أن الهجر كالدواء، ويستعمل كالدواء، فإن كان العاصي أو المبتدع إذا هجرته ترك بدعته ومعصيته فاهجره، ولا تكلمه ولا تسلم عليه حتى يترك بدعته، وأما إذا كان الهجر يزيده شراً فلا تهجره، وبعض العصاة يفرح إذا هجرته، فتجده في المرة الأولى يترك بعض الشيء، فإذا كررت هجرته زاد في المعاصي، فهذا لا تهجره، والدليل على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين هجروا كعب بن مالك وصاحبيه هلال بن أمية ومرارة بن الربيع خمسين ليلة، ولم يهجروا المنافقين؛ لأن هؤلاء الثلاثة مؤمنون، فنفعهم الهجر، وزادهم إيماناً وتقوى وتابوا إلى الله، وأنزل الله توبتهم قرآناً يتلى إلى يوم القيامة، قال تعالى:{وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}[التوبة:١١٨] ولم يهجروا المنافقين الذين تخلفوا نفاقاً، ثم جاءوا وحلفوا أمام النبي صلى الله عليه وسلم، فقبل النبي صلى الله عليه وسلم علانيتهم ووكل سرائرهم إلى الله.
فالهجر كالدواء، فأهل البدع إذا كان الهجر يثنيهم عن بدعهم فإنهم يهجرون، فلا تسلم عليهم ولا تكلمهم ولا تجب دعوتهم، وأما إذا كان الهجر يزيدهم شراً فسلم عليهم وانصحهم.