للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم القول بعدم حصول الكفر بغير التكذيب والجحود]

السؤال

لا يخفى عليكم ما ابتلي به أهل هذا العصر من تصدر كثير ممن لم ترسخ قدمه في العلم وخوضهم في مسائل الإيمان، وكثير منهم لا يعرف بالدارسة في العقيدة وتلقيها من العلماء الذين عرفوا بذلك، حتى إن بعضهم أخذ يجمع بين المتناقضات، فتجده يقول: إن الإيمان قول وعمل واعتقاد، ثم يقول: لا كفر إلا كفر التكذيب والجحود، وبعضهم يستحوذ على المبتدئين من طلاب العلم بعبارة لـ ابن نصر المروزي قالها في رده على الخوارج والمعتزلة المكفرين لأهل الكبائر، حيث قال: إن الإيمان أصل وهو الاعتقاد والقول، وفرع وهو العمل، وتارك الأصل يكفر، أما تارك الفرع لا يكفر؟

الجواب

هذه طريقة أهل الزيغ وأهل الانحراف نسأل الله السلامة والعافية، حيث يشبهون ويأخذون بعض النصوص ويتركون البعض الآخر، ويتأولونها على غير تأويلها حتى تنطلي شبههم على العوام وعلى الجهال وعلى المبتدئين فيظنون أنهم على الحق وهم مبطلون، وهذه سلسلة معروفة من أهل الزيغ والضلال، نسأل الله السلامة والعافية.

ولا شك في أن هذا تناقض، فهو يقول: الإيمان قول وعمل واعتقاد، ثم يقول: إن المطلوب أصل الإيمان، والتناقض والاضطراب في أقوالهم واضح؛ لأنهم أهل زيغ لم يقصدوا الحق، نسأل الله السلامة والعافية، أما من قصد الحق فإنه يعمل بالنصوص ويضم بعضها إلى بعض ولا يحرف ولا يؤول تأويلاً باطلاً.

وكلام ابن نصر لا إشكال فيه، فهو واضح موافق لأهل السنة والجماعة.

وأصل الدين وأساس الملة هو الإيمان بالله ورسوله، والشهادة لله تعالى بالوحدانية ولنبيه بالرسالة، ولا بد لتحقيق الإيمان من عمل، وإلا صار كإيمان إبليس وفرعون، فمن ادعى أنه مؤمن وأنه موحد فلا بد لهذه الدعوى من دليل يثبتها، وهو العمل، وأما مجرد النطق باللسان ففاعله لا فرق بينه وبين إيمان إبليس وفرعون.

<<  <  ج: ص:  >  >>