للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم من عقد الإيمان بقلبه وترك العمل]

السؤال

ما معنى قول شيخ الإسلام: من كان عقده الإيمان ولا يعمل بأحكام الإيمان فهو كافر كفراً لا يثبت معه توحيد؟

الجواب

عقده الإيمان يعني اعتقاده، فهو يعتقد الإيمان، ولا يعمل بأحكام الإسلام، أي: لا يؤدي الواجبات ولا ينتهي عن المحرمات، فمن قال: أنا مصدق ولكنه يرفض العمل فهو كافر، ولا يفيده الإيمان؛ لأنه مستكبر عن عبادة الله، كما أن إبليس كان كفره بالإباء والاستكبار، كما قال تعالى: {إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [البقرة:٣٤]، وفرعون كان كفره بالإباء والاستكبار، واليهود كفرهم بالإباء والاستكبار، وأبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم كان كفره بالإباء والاستكبار، وهو القائل: ولقد علمت بأن دين محمد من خير أديان البرية دينا لكن حملته العصبية ومنعته من أن يشهد على قومه وعلى آبائه وأجداده بالكفر، فكان يستكبر عن عبادة الله واتباع رسوله، فالمقصود أن معنى ذلك أن من ادعى أنه مؤمن بقلبه ولكنه استكبر وأبى الالتزام بشرع الله ولم يعمل الواجبات وينتهي عن المحرمات؛ فإن كفره يكون بالإباء والاستكبار؛ لأن هذا الإيمان الذي في قلبه أو الذي اعتقده لابد له من عمل يتحقق به، فإذا رفض العمل فإنه يكون مستكبراً، وتكون دعواه الإيمان دعوى باللسان لا تفيده.

وذلك أنه لا يمكن أن يكون الإيمان تاماً في القلب بدون أن يعمل الإنسان، فهذا ليس بصحيح، فإذا كان الإيمان تاماً فلابد من أن يعمل، فليس هناك من يؤمن بالله ورسوله، ويعتقد أن الجنة حق وأن النار حق، ويصدق بالبعث والوقوف بين يدي الله، ويصدق بأن الصلاة فيها فضل عظيم وأجر كبير، وأنها تكفر الذنوب ثم يبقى طول عمره لا يصلي، ويقول: أنا مصدق لكن لن أصلي، وأعلم أن الصلاة جاء الوعيد الشديد على تركها ولكن لن أصلي.

فهذا لا يكون مؤمناً أبداً، ولو كان في قلبه إيمان صادق لبعثه على العمل، فكيف يترك الصلاة طول عمره وهو يعلم ما أعد الله للمصلي من الثواب، ويعلم ما أعد الله على ترك الصلاة من العقاب، ويعلم الفضل والأجر الكبير الذي رتب على أداء الصلاة، والفضل العظيم الذي رتب على أجر الوضوء؟! وسواء قال: إن الأعمال الظاهرة من لوازم الإيمان، أو جزء من الإيمان فالمقصود أنه لابد من العمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>