[مذاهب الجهمية والمعتزلة والإباضية والصوفية والفضلية في الإيمان والرد عليهم]
قال المؤلف رحمه الله:[قال أبو عبيد: ذكرت الأصناف الخمسة الذين تركنا صفاتهم في صدر كتابنا هذا من تكلم به في الإيمان هم الجهمية والمعتزلة والإباضية والصفرية والفضلية].
ذكر أبو عبيد رحمه الله أول هذا الكتاب الأصناف الخمسة وقد أشار إليهم وترك صفاتهم في الكتاب، وأراد الآن أن يذكر مذاهبهم في الإيمان وهم خمس طوائف: الطائفة الأولى الجهمية، والطائفة الثانية المعتزلة، والطائفة الثالثة الإباضية، والإباضية هم الخوارج، والصفرية كذلك من الخوارج، والفضلية من الخوارج، والمؤلف رحمه الله يريد أن يذكر مذهب هؤلاء الطوائف الخمس, في الإيمان.
أما الجهمية فهم الذين ينكرون أسماء الله وصفاته، وزعيمهم الجهم بن صفوان، يقولون: ليس لله اسم ولا صفة والعياذ بالله، ويقولون: إن الأسماء والصفات الواردة في النصوص كالعليم الحكيم العزيز أن هذه أسماء لخلقه، أضيفت إليه إضافة تشريف، كما أضيفت الناقة والعبد والرسول إلى الله، والذي يقول: إن الله ليس له اسم ولا صفة معناه أنه لا يوصف بأي وصف ولا يسمى بأي اسم، وليس هناك شيء في الوجود إلا له اسم وصفة، فإذا قلت مثلاً: هناك كرسي ليس له طول ولا عرض، وليس في السماء ولا في الأرض ولا داخل العالم ولا خارجه ولا مباين له ولا محايد له ولا متصف به ولا متصف بغيره، هذا يكون العدم، فالجهمية يصفون ربهم ويعبدون معدوماً، والجهمية يقولون: إن الله ليس له سمع ولا بصر ولا علم ولا قدرة، وليس في العلو ولا فوق السموات ولا تحتها ولا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته ولا مباين له ولا محايد ولا متصل به ولا غير متصل، وهذا يكون مستحيلاً وأعظم من العدم.
ولهذا ذكر ابن القيم أن الجهمية كفرها خمسمائة عالم، فقال: ولقد تقلد كفرهم خمسون في عشر من العلماء في البلدان واللالكائي الإمام قد حكاه عنهم بل قد حكاه قبله الطبراني فالجهمية كفار والعياذ بالله؛ لأنهم ما أثبتوا الوجود لله، والجهمية الأولى يقولون: إن الله يختلط بالمخلوقات ممتزج بها نعوذ بالله، وهذا كفر وردة، والطائفة المتأخرون منهم ينفون أن الله لا داخل العالم ولا خارجه.
أما المعتزلة فهم يثبتون الأسماء لله، لكن ينكرون الصفات، فيقولون: الله سميع بلا سمع، بصير بلا بصر، عليم بلا علم، حكيم بلا حكمة، ولهذا كفرهم أكثر أهل العلم، ومن العلماء من بدعهم، والإباضية طائفة من الخوارج، وكذلك الصفرية والفضلية، وكل هؤلاء الطوائف الخمس استدركها المؤلف رحمه الله وقال: ذكرت هذه الأصناف الخمسة في صدر هذه الرسالة وتركت وصفهم، والآن أريد أن أتكلم عن كل واحدة من هذه الطوائف الخمس وأبين لك مذهبها في الإيمان.