الجمهية هم أتباع الجهم بن صفوان وهم ينكرون الأسماء والصفات نعوذ بالله، وسبق أن مذهبهم أن الإيمان معرفة الرب بالقلب، والكفر جهل الرب بالقلب فمن عرف ربه بقلبه فهو مؤمن، ولو فعل جميع المنكرات وجميع أنواع الردة، نعوذ بالله.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:[فقالت الجهمية: الإيمان معرفة الله بالقلب، وإن لم يكن معها شهادة لسان ولا إقرار بنبوة ولا شيء من أداء الفرائض].
مذهب الجهمية في الإيمان معرفة الله في القلب, قالوا: من عرف ربه بقلبه فهو مؤمن ولو لم ينطق بلسانه ولو لم يقل: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، ولو لم يعمل شيئاً لا صلاة ولا زكاة ولا صوماً ولا حجاً، يكفي المعرفة ولو لم يقر بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم ولو لم يفهم شيئاً من القرآن، وهذا من أخبث المذاهب، وهو أفسد مذهب في تعريف الإيمان، وسبق أن المؤلف رحمه الله ألزم الجهمية بأن إبليس يكون مؤمناً على مذهبهم؛ لأنه يعرف ربه بقلبه بدليل:{قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}[الأعراف:١٤].
كذلك فرعون يعرف ربه حيث قال للناس:{أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى}[النازعات:٢٤] وقال الله تعالى عنهم: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ}[النمل:١٤] فيكون مؤمناً على مذهب الجهمية، وكذلك اليهود مؤمنون على مذهب الجهمية بدليل قول الله تعالى:{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[البقرة:١٤٦].
أما أبو طالب الذي ثبت في صحيح البخاري أنه مات على الشرك فإنه يكون مؤمناً على مذهب الجهم بدليل قول أبي طالب في قصيدته: ولقد علمت بأن دين محمد من خير أديان البرية ديناً لولا الملامة أو حذار سبة لوجدتني سمحاً بذاك يقيناً فتبين بهذا أن مذهب الجهمية في الإيمان أفسد وأخبث مذهب، وأن رءوس الكفر: إبليس وفرعون واليهود والوثنيين وأبا طالب كلهم يكونون مؤمنون على مذهب الجهم.
قال المؤلف رحمه الله:[احتجوا في ذلك بإيمان الملائكة فقالوا: قد كانوا مؤمنين قبل أن يخلق الله الرسل].
حجتهم داحضة حيث قالوا: إن الملائكة مؤمنون قبل أن يخلق الله الرسل، فدل على أنه لا حاجة إلى الرسل وأنه يكفي المعرفة بالقلب، وهذا مذهب باطل.