" يلوح أن مذهب الشيعة الذي يُنسب إلى عبد الله بن سبأ أنه مؤسسه، إنما يرجع إلى اليهود أقرب من أن يرجع إلى الإيرانيين. والدليل على هذا ما سأحاول هنا إيراده بطريقة عارضة، دون أن أعير المسألة من الأهمية أكبر مما تستحق.
كان القدماء من أنصار علي، يعدونه في مرتبة مساوية لسائر الخلفاء الراشدين في خلافته - في سلك واحد - وكان يوضع في مقابل الأمويين المغتصبين للخلافة بوصفه استمراراً للخلافة الشرعية، وحقه في الخلافة ناشئ عن أنه كان من أفاضل الصحابة، وأنهم وضعوه في القمة، وتلقى البيعة من أهل المدينة. ولم ينشأ هذا الحق - أو على الأقل لم ينشأ مباشرة - عن كونه من آل بيت الرسول، ومع ذلك فيبدو أن آل البيت أنفسهم قد ادعوا حق ميراث الخلافة عن رسول الله منذ البداية. وبعد وفاة علي، كانت المعارضة ضد الأمويين تنظر إلى أبناء عليّ على أنهم المطالبون الشرعيون للخلافة.
ولكن المسألة هنا كانت مقصورة على دعوى الخلافة، ولا بد أن نميز بين هذا وبين دعوى النبوة. وزعم أن النبوة لم تنته بمحمد، بل استمرت في علي وبنيه، كان هذا الزعم هو الخطوة الأخيرة.
إن الفكرة القائلة بأن النبي ملك يمثل سلطان الله على الأرض قد انتقلت من اليهودية إلى الإسلام. ولكن الإسلام السني يقول إن محمداً خاتم النبيين، وبعد وفاته حلت محله الشريعة، وهي أثر مجرد غير مشخص، ومعوض عنه أقل قيمة بكثير جداً. فكان ذلك نقصاً ملموساً، فمن هنا تبدأ نظريات الشيعة.
وكان المبدأ الأساسي الذي بدأ منه مذهبهم هو:
أن النبوة، وهي المعوض الشخصي الحي للسلطة الإلهية، تنتسب بالضرورة إلى الخلافة، وتستمر تحيا فيها. وقبل محمد