للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفعلاً استطاع جذب الكثير منهم إليه وإلى معتقداته خصوصاً بعد ما كان مظفراً منصوراً في إتاحة حكم الإمام المظلوم عثمان بن عفان له اختلاق قصص باطلة وأساطير كاذبة (١) وتكوينه جمعية سرية تعتقد في علي ـ رضي الله عنه ـ وصابة النبي صلى الله عليه وسلم ووراثته، وإيجاد رجال يقدسونه ويؤلهونه ويصفونه بأوصاف ونعوت هي لله خاصة، فدخل هؤلاء كلهم تحت رايته في شيعة علي ـ رضي الله عنه ـ واندمجوا معهم، وبدأوا ينفثون السموم إلى رفاقهم ومصاحبيهم ومجالسيهم، فتأثر من تأثر وكتم من كتم وظهر من ظهر، فنكل الإمام علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ بمن اكتشف وأظهر عقيدته الأصلية الخافية وعذبهم أشد العذاب، وطرد بعضاً منهم وقتل البعض الآخرين سيفاً وحرقاً، وأعلن في ملأ من الناس أنه ليس إلا عبد الله طائعاً، وأن من يكتشف أنه من السبئيين يعمل به ما عمل بالمحرقين، ومن وجده متأثراً منهم وعلم أنه يفضله على الشيخين أو يتكلم فيهم فيجلده حد المفتري كما روى زيد بن وهب أن سويد بن غفلة.

دخل على علي في إمارته فقال: إني مررت بنفر يذكرون أبا بكر وعمر يرون أنك تضمر لهما مثل ذلك منهم، عبد الله بن سبأ، وكان عبد الله بن سبأ أول من أظهر ذلك، فقال علي: مالي ولهذا الخبيث الأسود، ثم قال: معاذ الله أن أضمر لهما إلا الحسن الجميل، ثم أرسل إلى عبد الله بن سبأ فسيره إلى المدائن، وقال: لا يساكنني في بلدة أبدا، ثم نهض إلى المنبر حتى اجتمع الناس، فذكر القصة في ثنائه عليهما بطوله وفي آخره: ولا يبلغني عن أحد يفضلني عليهما إلا جلدته حد


(١) - نخصص لهذه القصص الباطلة والأساطير الموضوعة باباً مستقلاً في هذا الكتاب لما لها من علاقة وثيقة بشيعة اليوم، وأنهم لم يأخذوا هذه التهم إلا من عبد الله بن سبأ، كما أخذوا العقائد منه وسنبين هذا كله مفصلاً إن شاء الله بالبراهين والأدلة.

<<  <   >  >>