نلحم أبناء ذي الجدين إن غضبوا ... أرماحنا، ثم تلقاهم، وتعتزل
لا تقعدون، وقد أكلتها حطبا ... تعوذ من شرها يوماً وتبتهل
سائل بني أسد عنا، فقد علموا ... أن سوف يأتيك من أنبائنا شكل
واسأل قشيرا وعبد الله كلهم ... واسأل ربيعة عنا كيف نفتعل
إنا نقاتلهم حتى نقتلهم ... عند اللقاء، وإن جاروا وإن جهلوا
قد كان في آل كهف إن هم احتربوا ... والجاشرية من يسعى وينتضل
إني لعمر الذي خطت مناسمها ... تخدى، وسيق إليه الباقر الغيل
لئن قتلتم عميدا لم يكن صددا ... لنقتلن مثله منكم، فنمتثل
لئن منيت بنا عن غب معركة ... لا تلفنا عن دماء القوم ننفتل
لا تنتهون، ولن ينهى ذوي شطط ... كالطعن يذهب فيه الزيت والفتل
[السموأل بن عاديا]
كان السموءل يهودياً مشهوراً بالوفاء وهو صاحب الحصن المعروف بالأبلق، كانت العرب تنزل فيه فيضيفها، وبالسموءل يضرب المثل في الوفاء. يقال أوفى من السموءل، لأنه فضل قتل ابنه على التفريط في أمانة أودعها عنده امرؤ القيس لما سار إلى الشام يريد قيصر، وكانت الأمانة أدرعا وفي ذلك يقول السموءل:
وفيت بأدرع الكندي إني ... إذا ما خان أقوام وفيت
وأوصى عاديا يوما بأن لا ... تهدم يا سموءل ما بنيت
بني لي عاديا حصنا حصينا ... وماء كلما شئت استقيت
ومن أشعاره المعروفة قصيدة يمدح بها قومه، أوردها أبو تمام في كتاب الحماسة، مطلعها:
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه ... فكل رداء يرتديه جميل
وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها ... فليس إلى حسن الثناء سبيل
وكان للسموءل أخ شاعر أيضاً وابن يدعى شريحا مدحه الأعشى في شعره.. وعلى ما يقول المحققون: إن السموءل عاش في أواخر الجيل السادس ومات في أوائل الجيل السابع وكان معاصراً للأعشى، ويقال إنه توفي سنة ٥٦٠م.
[حاتم الطائي]
- ١ - اشتهر بالجود والكرم حتى جرى ذكره مجرى الأمثال فيقال "أجود من حاتم الطي" وقد وصل إلينا من شعره قليل جاء في ديوان الحماسة وكتاب الأغاني وغيرهما من كتب الأدب، وله ديوان معروف باسمه وتوفي حاتم سنة ٦٠٥م، وقبره بعوارض، وهو جبل لبني طي، ويحكى عن جوده الحكايات الكثيرة، ومن غريبها أن نفراً من بني أسد مروا بقبر حاتم فقالوا: نزلنا بحاتم فلم يقرنا، وجعلوا ينادون: يا حاتم ألا تقرى أضيافك؟ ثم ناموا جميعاً وكان رئيس القوم رجلاً يقال له أبو الخيبري فنام أيضاً، حتى إذا كان السحر وثب وجعل يصيح: وا رحلتاه. فقال له أصحابه: مالك! قال: خرج والله حاتم بالسيف وأنا أنظر إليه حتى عقر ناقتي. قالوا: كذبت. فنظروا إلى راحلته فإذا هي منخزلة لا تنبعث. قالوا والله قراك. فظلوا يأكلون من لحمها ثم أردفوه فانطلقوا فساروا، وإذا راكب يلحقهم فنظروا فإذا هو عدي بن حاتم راكباً قارناً جملاً أسود فلحقهم وقال أيكم أبو الخبيرى فدلوه عليه فقال جاءني أبي في النوم فذكر لي شتمك له وأنه قرى راحلتك لأصحابك وقد قال في ذلك أبياتاً ورددها حتى حفظتها وهي:
أبا الخيبرى وأنت امرؤ ... حسود العشيرة شتامها
فماذا أردت إلى رمة ... بداوية صخب هامها
تبغي أذاها وإعسارها ... وحولك غوث وانعامها
وإنا لنطعم أضيافنا من ال ... كرم بالسيف نعتامها
وقد أمرني أن أحملك على جمل فدونكه فأخذوه وركبه وذهبوا.
ولم يبلغ أحد في الجود ما بلغ حاتم، وهو من بني الحشرج من طي وأحد شعراء الجاهلية.. ويكنى أبا عدي وأبا سفانة.. وأدرك ابنه الإسلام وأسلم.
قال عدي قلت يا رسول الله: إن أبي كان يصل الرحم ويفعل كذا وكذا، قال: إن أباك أراد أمراً فأدركه يعني الذكر. وكانت سفانة بنته أتى بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت، يا محمد هلك الولد، وغاب الرافد فإن رأيت أن تتخلى عني ولا تشمت بي أحياء العرب فإن أبي سيد قومه، وكان يفك العاني ويحمي الذمار ويفرج عن المكروب، ويطعم الطعام، ويفشى السلام، ولم يطلب إليه طالب قط حاجة فرده، أنا ابنة حاتم طي.. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا جارية هذه صفة المؤمن لو كان أبوك إسلامياً لترحمنا عليه، خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق.