للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن كنت امرأ قد سؤت ظناً ... بعبدك والخطوب إلى تبال

فأرسل إلى بني ذبيان فاسأل ... ولا تعجل إلي عن السؤال

فلا عمر الذي أثنى عليه ... وما رفع الحجيج إلى إلال

لما أغفلت شكرك فانتصحني ... وكيف ومن عطائك جل مالي

ولو كفي اليمين بغتك خوناً ... لأفردت اليمين من الشمال

ولكن لا تخان الدهر عندي ... وعند الله تجزية الرجال

له بحر يقمص بالعدولي ... وبالخلج المحملة الثقال

مضر بالقصور تذود عنها ... قراقير النبيط إلى التلال

وهوب للمخيسة النواجي ... عليها القانئات من الرحال

- ٢٨ - وقال أيضاً:

ألا أبلغا ذبيان عني رسالة ... فقد أصبحت عن منهج الحق جائره

أجدكم لن تزجروا عن ظلامة ... سفيهاً ولن ترعوا لذي الود آصره

فلو شهدت سهم وأبناء مالك ... فتعذرني من مرة المتناصره

لجاءوا بجمع لم ير الناس مثله ... تضاءل منه بالعشي قصائره

ليهنئ لكم أن قد نفيتم بيوتنا ... مندى عبيدان المحلئ باقره

وإني لألقى من ذوي الضعن منهم ... وما أصبحت تشكو من الوجد ساهره

كما لقيت ذات الصفا من حليفها ... وما انفكت الأمثال في الناس سائره

فقالت له أدعوك للعقل وافيا ... ولا تغشيني منك بالظلم بادره

فوثقها بالله حين تراضيا ... فكانت تديه المال غبا وظاهره

فلما توفي العقل إلا أقله ... وجارت به نفس عن الحق جائره

تذكر أني يجعل الله جنة ... فبصبح ذا مال ويقتل واتره

فلما رأى أن ثمر الله ماله ... وأثل موجوداً وسد مفاقره

أكب على فأس يحد غرابها ... مذكرة من المعاول باتره

فقام لها من فوق جحر مشيد ... ليقتلها أو تخطئ الكف بادره

فلما وقاها الله ضربة فأسه ... وللبر عين لا تغمض ناظره

فقال تعالى نجعل الله بيننا ... على مالنا أو تنجزي لي آخره

فقالت يمين الله أفعل أنني ... رأيتك مسحوراً يمينك فاجره

أبى لي قبر لا يزال مقابلي ... وضربة فأس فوق رأسي فاقره

- ٢٩ - وقال أيضاً:

ودع أمامة والتوديع تعذير ... وما وداعك من قفت به العير

وما رأيتك إلا نظرة عرضت ... يوم النمارة والمأمور مأمور

إن إلى الفول حي وإن بعدوا ... أمسوا ودونهم ثهلان فالنير

هل تبلغينهم حرف مصرمة ... أجد القفار وإدلاج وتهجير

قد عريت نصف حول أشهر جددا ... يسفى على رحلها بالحيرة المور

وفارقت وهي لم تجرب وباع لها ... من الفصافص بالنمي سفسير

ليست ترى حولها إلفاً وراكبها ... نشوان في جوة الباغوث مخمور

تلقى الإوزين في أكناف دارتها ... بيضاً وبين يديها التين منشور

لولا الهمام الذي ترجى نوافله ... لقال راكبها في عصبة سيروا

كأنها خاضب أظلافه لهق ... قهد الإهاب تربته الزنانير

أصاخ من نبأة أصغى لها أذناً ... صماخها بدخيس الروق مستور

من حس أطلس تسعى تحته شرع ... كأن أحناكها السفلى مآشير

يقول راكبها الجني مرتفقاً ... هذا لكن ولحم الشاة محجور

تمت القصائد المختارة من شعر النابغة.

[زهير بن أبي سلمى]

[ترجمة الشاعر]

- ١ - هو زهير بن ربيعة الملقب بأبي سلمى، من قبيلة مزينة من مضر.

كان يقيم هو وقومه في بلاد غطفان وأسرته أسرة شاعرة فكان أبوه شاعراً وخال أبيه - واسمه بشامة بن الغدير - شاعراً؛ جمع إلى الشعر الحكمة وجودة الرأي، وكانت غطفان إذا أرادوا الغزو أتوه فاستشاروه وصدروا عن رأيه، فإذا رجعوا من الحرب قسموا له مثل ما يقسمون لأفضلهم، وقد لازمه زهير وأخذ عنه الشعر وجودة الرأي. وكان زوج أمه أوس بن حجر - شاعراً. وكان أبو شاعراً وأخته سلمى شاعرة، وابناه - كعب ويجير - شاعرين، وابن ابنه المضرب بن كعب بن زهير كان كذلك شاعراً.

<<  <   >  >>