وقولا له من يرسل الشمس غدوة ... فيصبح ما مست من الأرض ضاحيا
وقولا له من ينبت الحب في الثرى ... فيصبح منه البقل يهتز رابيا؟
وقد مضت برواية أخرى.
٧ - وقال في قنزعة الهدهد وأنها مكان حمله أمه في قفاه:
غيم وظلماء وغيث سحابة ... أيام كفن واستراد الهدهد
يبغي الفرار بأمه ليجنها ... فبنى عليها في قفاه بمهد
مهدا وطبا فاستقل بحمله ... في الطير يحملها ولا يتأود
فتراه يدلج ماشيا بجنازة ... منها وما اختلف الجديد المسند
إلى غير ذلك من قصصه وأساطيره.
٨ - وقال في التوحيد:
الحمد لله ممسانا ومصبحنا ... بالخير صبحنا ربى ومسانا
رب الحنيفة لم تنفد خزائنه ... مملوءة، طبق الآفاق سلطانا
ألا نبي لنا منا فيخبرنا ... ما بعد غايتنا من رأس محيانا؟
بينا يرببنا آباؤنا هلكوا ... وبينا نقتني الأولاد أفنانا
وقد علمنا لو أن العلم ينفعنا ... أن سوف يلحق أخرانا بأولانا
٩ - وقال في خلق الكون وفناء الخلق وعاقبة الناس مجرمين ومتقين:
إله العالمين وكل أرض ... ورب الراسيات مني الجبال
بناها وابنتي سبعا شدادا ... بلا عمد يرين ولا حبال
وسواها وزينها بنور ... من الشمس المضيئة والهلال
ومن شهب تلألأ في دجاها ... مراميها أشد من النضال
وشق الأرض فانبجست عيونا ... وأنهارا من العذب الزلال
وبارك في نواحيها وزكي ... بها ما كان من حرث ومال
فكل معمر لابد يوما ... وذي دنيا يصبر إلى زوال
ويفنى بعد جدته ويبلى ... سوى الباقي المقدس ذي الجلال
وسبق المجرمون وهم عراة ... إلى ذات المقامع والنكال
فنادوا ويلنا ويلا طويلا ... وعجوا في سلاسلها الطوال
فليسوا ميتين فيستريحوا ... وكلهم بحر النار صالي
وحل المتقون بدار صدق ... وعيش ناعم تحت الظلال
لهم ما يشتهون وما تمنوا ... من الأفراح فيها والكمال
- ٧ -
[بعض المنحول من شعره]
هذا وقد نخل لأمية شعر كثير، وينفي الأصمعي عنه القصيدة المنسوبة إليه التي منها:
من لم يمت غبطة يمت هرما ... الموت كأس فالمرء ذائقها
وينسبها لرجل من الخوارج، ونقد قوله "الموت كأس".
وينسب هذه القصيدة لأمية: الزبير بن بكار عن شيوخه وعن الحسن البصري أيضاً.
- ٨ - كلمة أخيرة: وبعد، فهذا هو تحليلنا لشعر أمية، ومنه يبدو أنه عبقري في بابه، ونسيج وحده في أغراضه الدينية والكونية على الرغم مما فيها من ضعف في الأسلوب والتركيب لغرابة المعاني التي نظمها.
أما أمية في شعره البعيد عن الدين فيكاد يكون قريباً من زهير، وشبيهاً بالحطيئة وسواه من الشعراء المجيدين.
- ٩ - مجمهرة أمية وتحليلها: ١ - وهي قصيدة غير طويلة نظمها أمية في الفخر بقومه وأحسابهم. وتشبه في شاعريتها وموضوعها وروحها ووزنها وقافيتها وخيالها وكثير من معانيها وأساليبها قصيدة عمرو بن كلثوم أو معلقته:
ألا هبي بصحنك فاصبحينا ... ولا تبقى خمور الأندرينا
٢ - ومطلع المجمهرة:
عرفت الدار قد أقوت سنينا ... لزينب إذ تحل بها قطينا
٣ - وبعد أبيات في الغزل وذكر الطلول يقول مفتخراً:
فإما تسألي عن لبينى ... وعن نسبي أخبرك اليقينا
ثقي أني النبيه أبا وأما ... وأجدادا سموا في الأقدمينا
ورثنا المجد عن كبرى نزار ... فأور لنا مآثرنا البنينا
وكنا حيثما علمت معد ... أقمنا حيث ساروا هاربينا
وتخبرك القبائل من معد ... إذا عدوا سعاية أولينا
بأنا النازلون بكل ثغر ... وأنا الضاربون إذا لقينا
وإنا المانعون إذ أردنا ... وإنا المقبلون إذا دعينا
وإنا الرافعون على معد ... أكفا في المكارم ما بقينا
نشرد بالمخافة من أتانا ... ويعطينا المقاده من يلينا