وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها ... فليس إلى حسن الثناء سبيل
وكان للسموءل أخ شاعر أيضاً وابن يدعى شريحا مدحه الأعشى في شعره.. وعلى ما يقول المحققون: إن السموءل عاش في أواخر الجيل السادس ومات في أوائل الجيل السابع وكان معاصراً للأعشى، ويقال إنه توفي سنة ٥٦٠م.
[حاتم الطائي]
- ١ - اشتهر بالجود والكرم حتى جرى ذكره مجرى الأمثال فيقال "أجود من حاتم الطي" وقد وصل إلينا من شعره قليل جاء في ديوان الحماسة وكتاب الأغاني وغيرهما من كتب الأدب، وله ديوان معروف باسمه وتوفي حاتم سنة ٦٠٥م، وقبره بعوارض، وهو جبل لبني طي، ويحكى عن جوده الحكايات الكثيرة، ومن غريبها أن نفراً من بني أسد مروا بقبر حاتم فقالوا: نزلنا بحاتم فلم يقرنا، وجعلوا ينادون: يا حاتم ألا تقرى أضيافك؟ ثم ناموا جميعاً وكان رئيس القوم رجلاً يقال له أبو الخيبري فنام أيضاً، حتى إذا كان السحر وثب وجعل يصيح: وا رحلتاه. فقال له أصحابه: مالك! قال: خرج والله حاتم بالسيف وأنا أنظر إليه حتى عقر ناقتي. قالوا: كذبت. فنظروا إلى راحلته فإذا هي منخزلة لا تنبعث. قالوا والله قراك. فظلوا يأكلون من لحمها ثم أردفوه فانطلقوا فساروا، وإذا راكب يلحقهم فنظروا فإذا هو عدي بن حاتم راكباً قارناً جملاً أسود فلحقهم وقال أيكم أبو الخبيري فدلوه عليه فقال جاءني أبي في النوم فذكر لي شتمك له وأنه قرى راحلتك لأصحابك وقد قال في ذلك أبياتاً ورددها حتى حفظتها وهي:
أبا الخيبرى وأنت امرؤ ... حسود العشيرة شتامها
فماذا أردت إلى رمة ... بداوية صخب هامها
تبغي أذاها وإعسارها ... وحولك غوث وانعامها
وإنا لنطعم أضيافنا من ال ... كرم بالسيف نعتامها
وقد أمرني أن أحملك على جمل فدونكه فأخذوه وركبه وذهبوا.
ولم يبلغ أحد في الجود ما بلغ حاتم، وهو من بني الحشرج من طي وأحد شعراء الجاهلية.. ويكنى أبا عدي وأبا سفانة.. وأدرك ابنه الإسلام وأسلم.
قال عدي قلت يا رسول الله: إن أبي كان يصل الرحم ويفعل كذا وكذا، قال: إن أباك أراد أمراً فأدركه يعني الذكر. وكانت سفانة بنته أتى بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت، يا محمد هلك الولد، وغاب الرافد فإن رأيت أن تتخلى عني ولا تشمت بي أحياء العرب فإن أبي سيد قومه، وكان يفك العاني ويحمي الذمار ويفرج عن المكروب، ويطعم الطعام، ويفشى السلام، ولم يطلب إليه طالب قط حاجة فرده، أنا ابنة حاتم طي.. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا جارية هذه صفة المؤمن لو كان أبوك إسلامياً لترحمنا عليه، خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق.
قال ابن الأعرابي كان حاتم من شعراء الجاهلية، وكان جواداً يشبه جوده شعره، ويصدق قوله فعله، وكان حيثما نزل عرف منزله، وكان مظفراً إذا قاتل غلب، وإذا غنم أنهب، وإذا ضرب بالقداح فاز، وإذا سابق سبق، وإذا أسر أطلق. وكان إذا أهل رجب نحر في كل يوم عشرة من الإبل وأطعم الناس واجتمعوا عليه، وكان أول ما ظهر من جوده أن أباه خلفه في إبله وهو غلام، فمر به جماعة من الشعراء، فيهم عبيد بن الأبرص، وبشر بن أبي خازم، والنابغة الذبياني، يريدون النعمان بن المنذر، فقالوا هل من قرى؟ ولم يعرفهم. فقال أتسألوني القرى وقد رأيتم الإبل والغنم، انزلوا فنزلوا فنحر لكل واحد منهم، وسألهم عن أسمائهم، فأخبروه ففرق فيهم الإبل والغنم، وجاء أبوه فقال: ما فعلت؟ قال طوقتك مجد الدهر طةق الحمامة وعرفه القضية، فقال أبوه إذا لا أساكنك بعدها أبدا ولا آويك. فقال حاتم: إذا لا أبالي.
ومن حديثه، أنه خرج في الشهر الحرام يطلب حاجة، فلما كان بأرض عنزة ناداه أسير لهم: يا أبا سفانة أكلني الاسار والقمل. فقال: ويحك ما أنا في بلاد قومي وما معي شيء، وقد أسأت بي إذ نوهت باسمي ومالك مترك، ثم ساوم به العنزيين واشتراه منهم فخلاه وأقام مكانه في قيده حتى أتى بفدائه فأداه إليهم.