للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- ١ -

[حياته]

[تمهيد]

هو عمرو بن كلثوم، أحد شعراء الجاهلية وفرسانهم وأشرافهم، ومن أصحاب المعلقات، ومكانته في الشعر الجاهلي تضارع مكانة كثير من الشعراء وإن كان ليس له ديوان شعر معروف.

[نسبه]

هو أبو الأسد عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتاب بن ربيعة بن زهير التغلبي، من تغلب بن وائل، وتغلب هم من الأهم في الشرف والسيادة والمجد وضخامة العدد وجلال المحتد والأرومة. وأسرته سادات تغلب ورؤساؤها وفرسانها حتى قيل: لو أبطأ الإسلام لأكلت تغلب الناس.. كان أبوه كلثوم سيد قومه وأمه ليلى بنت المهلهل أخي كليب المشهور، واشتهرت أمه ليلى بالأنفة وعظم النفس، كما كانت لجلالة محتدها من فضليات السيدات العربيات قبل الإسلام.

[بيئته وموطنه]

ولد ونشأ عمرو بن كلثوم في أرض قومه التغلبيين، وكانوا يسكنون الجزيرة الفراتية وما حولها، وتخضع قبيلته لنفوذ ملوك الحيرة مع استقلالهم التام في شؤونهم الخاصة والعامة، والحيرة كما نعلم إمارة عربية أقامها الفرس على حدود الجزيرة العربية، وحموها بالسلاح والجنود.

[نشأته وحياته]

ولد عمر بين مجد وحسب وجاه وسلطان، فنشأ شجاعاً هماماً خطيباً جامعاً لخصال الخير والسؤدد والشرف، وبعد قليل ساد قومه وأخذ مكان أبيه وله من العمر خمس عشرة سنة، وقال الشعر وأجاد فيه وإن كان من المقلين.

قاد عمر الجيوش وحارب أعداء قومه وكان مظفراً في كثير من أيامهم وحروبهم، وأكثر ما كانت فتن تغلب وحروبها مع أختها بكر بن وائل بسبب الحرب المشهورة "البسوس"، وفي آخر الأمر أصلح بينهما المنذر ملك الحيرة وأخذ من كل منهما رهينة من الغلمان مائة غلام من أشرافهم حتى لا يعودوا إلى القتال، ولما تولى الحيرة عمرو بن هند عام ٥٦٢ م حذا حذو أبيه، فحدث أن عمرو بن هند وجه قوماً من بكر وتغلب إلى جبل طيء في أمر من أموره، فنزلوا على ماء لبني شيبان وهم من بكر، فأبعدوا التغلبيين عن الماء حتى ماتوا عطشاً، وقيل بل أصابتهم شموم في بعض مسيرهم فهلكوا وسلم البكريون، فطلب التغلبيون دينهم من بكر، واختصما وتحاكما إلى عمرو بن هند، وكان سيد تغلب هو عمرو بن كلثوم، وشاعر بكر هو الحارث بن حلزة، فتفاخرت القبيلتان بين يديه، وفي هذا الموقف قال الحارث بن حلزة معلقته يفتخر فيها ببكر وقال عمرو بن كلثوم بعض معلقته يفتخر فيها بتغلب، وأثرت قصيدة الحارث بن حلزة على عمرو بن هند، فقضى لبكر حقداً على تغلب وحسداً لعمرو، لإدلاله بشرفه وحسبه ومجده.

<<  <   >  >>