وراح كتيس الربل ينفض رأسه ... أذاة به من صائك متحلب
كأن دماء الهاديات بنحره ... عصارة حناء بشيب مخضب
وأنت إذا استدبرته سد فرجه ... بضاف فويق الأرض ليس بأصهب
- ٤ - وقال أيضاً حين توجه إلى قيصر:
سما لك شوق بعدما كان أقصرا ... وحلت سليمى بطن قو فعرعرا
كنانية بانت وفي الصدر ودها ... مجاورة غسان والحي يغمرا
بعيني ظعن الحي لما تحملوا ... لدى جانب الأفلاج من جنب تيمرى
فشبهتهم في الآل لما تكمشوا ... حدائق دوم أو سفيناً مقيرا
أو المكرعات من نخيل ابن يامن ... دوين الصفا اللآلئ يلين المشقرا
سوامق جبار أثيث فروعه ... وعالين قنواناً من البسر أحمرا
حمته بنو الربداء من آل يامن ... بأسيافهم حتى أقو وأوقرا
وأرضى بني الربداء واعتم زهوه ... وأكمامه حتى إذا ما تهصرا
أطافت به جيلان عند قطاعه ... تردد فيه العين حتى تحيرا
كأن دمى شغف على ظهر مرمر ... كسا مزبد الساجوم وشياً مصورا
غرائر في كن وصون ونعمة ... يحلين ياقوتاً وشذراً مفقرا
وريح سناً في حقه حميرية ... تخص بمفروك من المسك أذفرا
وبانا وألويا من الهند ذاكيا ... ورندا ولبنى والكباء المقترا
غلقن برهن من حبيب به ادعت ... سليمى فأمسى حبلها قد تبترا
وكان لها في سالف الدهر خله ... يسارق بالطرف الخباء المسترا
إذ نال منها نظرة ريع قلبه ... كما ذعرت كأس الصبوح المخمرا
نزيف إذا قامت لوجه تمايلت ... تراشى الفؤاد الرخص ألا تخترا
أأسماء أمسى ودها قد تغيرا ... سنبدل إن أبدلت بالود آخرا
تذكرت أهلي الصالحين وقد أتت ... على خملي خوص الركاب وأوجرا
فلما بدا حوران والآل دونه ... نظرت فلم تنظر بعينيك منظرا
تقطع أسباب اللبانة والهوى ... عشية جاوزنا حماة وشيزرا
بسير يضج العود منه يمنه ... أخو الجهد لا يلوى على من تعذرا
ولم ينسى ما قد لقيت ظعائنا ... وخملا لها كالقر يوما مخدرا
كأثل من الأعراض من دون بيثشة ... ودون الغمير عامدات لغضورا
فدع ذا وسل اللهم عنك بجسرة ... ذمول إذا صام النهار وهجرا
تقطع غيطاناً كأن متونها ... إذا أظهرت تكسى ملاء منشرا
بعيدة بين المنكبين كأنما ... ترى عند مجرى الضفر هراً مشجرا
تطاير ظران الحصى بمناسم ... صلاب العجى ملثومها غير أمعرا
كأن الحصى من خلفها وأمامها ... إذا نجلته رجلها حذف أعسرا
كأن صليل المروحين تشده ... صليل زيوف ينتقدن بعبقرا
عليها فتى لم تحمل الأرض مثله ... أبر بميثاق وأوفى وأصبرا
هو المنزل الآلاف من جونا عطٍ ... بني أسد حزناً من الأرض أوعرا
ولو شاء كان الغزو من أرض حمير ... ولكنه عمداً إلى الروم أنفرا
بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه ... وأيقن أنا لاحقان بقيصرا
فقلت له لا تبك عينك إنما ... نحاول ملكا أو نموت فنعذرا
وإني زعيم إن رجعت مملكا ... بسير ترى منه الفرانق أزورا
على لاحبٍ لا يهتدى بمناره ... إذا سافه العود النباطي جرجرا
على كل مقصوص الذنابي معاود ... يريد السرى بالليل من خيل بربرا
أقب كسرحان الغضى متمطر ... ترى الماء من أعطافه قد تحدرا
إذا زعته من جانبيه كليهما ... مشى الهيدبى في دفه ثم فرفرا
إذا قلت زوحنا أرن فرانق ... على جلعد واهي الأباجل أبترا
لقد أنكرتني بعلبك وأهلها ... ولابن جريج في قرى حمص أنكرا
نشيم يروق المزن أين مصابه ... ولا شيء يشفي منك يا ابنة عفزرا
من القاصرات الطرف لو دب مخول ... من الذر فوق الإتب منها لأثرا
له الويل إن أمسى ولا أم هاشم ... قريب ولا البسباسة ابنة يشكرا
أرى أم عمرو دمعها قد تحدرا ... بكاء على عمرو وما كان أصبرا
إذا نحن سرنا خمس عشرة ليلة ... وراء الحساء من مدافع قيصرا
إذا قلت هذا صاحب قد رضيته ... وقرت به العينان بدلت آخرا