فإن أمس مكروباً فيا رب بهمة ... كشفت إذا ما اسود وجه الجبان
وإن أمس مكروباً فيا رب قينة ... منعمة أعملتها بكران
لها مزهر يعلو الخميس بصوته ... أجش إذا ما حركته اليدان
وإن أمس مكروباً فيا رب غارة ... شهدت على أقب رخو اللبان
على ربذ يزداد عفواً إذا جرى ... مسح حثيث الركض والذألان
ويخدى على صم صلاب ملاطس ... شديدات عقد لينات المثاني
وغيث من الوسمي حو تلاعه ... تبطنته بشيظم صلتان
مكر مفر مقبل مدبر معاً ... كتيس ظباء الحلب الغذوان
إذا ما جنبناه تأود متنه ... كعرق الرخامى اهتز في الهجلان
تمتع من الدنيا فإنك فاني ... من النشوات والنساء الحسان
من البيض كالآرام والأدم كالدمى ... حواصنها والمبرقات الرواني
أمن ذكر نبهانية حل أهلها ... بجزع الملا عيناك تبتدران
فدمعهما سكب وسح وديمة ... ورش وتوكاف وتنهملان
كأنهما مزادتا متعجن ... فريان لما تسلقا بدهان
- ٩ - وقال أيضاً:
قفا نبك من ذكرى حبيب وعرفان ... ورسم عفت آياته منذ أزمان
أتت حجج بعدي عليها فأصبحت ... كخط زبور في مصاحف رهبان
ذكرت بها الحي الجميع فهيجت ... عقابيل سقم من ضمير وأشجان
فسحت دموعي في الرداء كأنها ... ثكلى من شعيب ذات سح وتهتان
إذا المرء لم يحزن عليه لسانه ... فليس على شيء سواه بخزان
فإما تريني في رحالة جابر ... على حرج كالقر تخفق أكفاني
فيا رب مكروب كررت وراءه ... وعان فككت الغل عنه ففداني
وفتيان صدق قد بعثت بسخرة ... فقاموا جميعاً بين عاث ونشوان
وخرق بعيد قد قطعت نياطه ... على ذات لوث سهوة المشي مذعان
وغيث كألوان الفنا قد هبطته ... تعاون فيه كل أوطف حنان
على هيكل يعطيك قبل سؤاله ... أفانين جرى غير كز ولا وان
كتيس الظباء الأعفر انضرجت له ... عقاب تدلت من شماريخ ثهلان
وخرق كجوف العير قفر مضلة ... قطعت بسام ساهم الوجه حسان
يدافع أعطاف المطايا بركنه ... كما مال غصن ناعم فوق أغصان
ومجر كغلان الأنيعم بالغ ... ديار العدو ذي زهار وأركان
مطوت بهم حتى تكل مطيهم ... وحتى الجياد ما يقدن بأرسان
وحتى ترى الجون الذي كان بادنا ... عليه عواف من نسور وعقبان
- ١٠ - وقال أيضاً يمدح جارية بن مر أبا حنبل، ويذم خالد بن سدوس بن أصمع النبهاني:
دع عنك نهباً صبح في حجراته ... ولكن حديثاً ما حديث الرواحل
كأن دثاراً حلقت بلبونه ... عقاب تنوفي لا عقاب القواعل
تلعب باعث بذمة خالد ... وأودى عصام في الخطوب الأوائل
وأعجبني مشي الحزقة خالد ... كمشي أتان حلئت بالمناهل
أبت أجأ أن تسلم العام جارها ... فمن شاء فلينهض لها من مقاتل
تبيت لبوني بالقرية أمنا ... وأسرحها غباً بأكناف خائل
بنو ثعل جيرانها وحماتها ... وتمنع من رماة سعد ونائل
تلاعب أولاد الوعول رباعها ... دوين السماء في رؤوس المجادل
مكللة حمراء ذات أسرة ... لها حبك كأنها من وصائل
- ١١ - وقال أيضاً:
أرانا موضعين لأمر غيب ... ونسحر بالطعام وبالشراب
عصافير وذبان ودود ... وأجرأ من مجلحة الذئاب
فبعض اللوم عاذلني فإني ... ستكفيني التجارب وانتسابي
إلى عرق الثرى وشجت عروقي ... وهذا الموت يسلبني شبابي
ونفسي سوف يسلبها وجرمي ... فيلحقني وسيكا بالتراب
ألم أفض المطي بكل خرق ... أمق الطول لماع السراب
وأركب في اللهام المجر حتى ... أنال مآكل القحم الرغاب
وكل مكارم الأخلاق صارت ... إليه همتي وربه اكتسابي
وقد طوفت في الآفاق حتى ... رضيت من الغنيمة بالإياب
أبعد الحارث الملك ابن عمرو ... وبعد الخير حجر ذي القباب
أرجي من صروف الدهر ليناً ... ولم تغفل عن الصم الهضاب
وأعلم أنني عما قريب ... سأنشب في شبا ظفر وناب