تمن بعادهم واستبق منهم ... فإنك سوف تترك والتمني
لدى جرعاء ليس بها أنيس ... وليس بها الدليل بمطمئن
إذا حاولت في أسد فجوراً ... فإني لست منك ولست مني
فهم درعي التي استلامت فيها ... إلى يوم النسار، وهم مجني
وهم وردوا الجفار على تميم ... وهم أصحاب يوم عكاظ إني
شهدت لهم مواطن صادقات ... أتيتهم بود الصدر مني
وهم ساروا لحجر في خميس ... وكانوا يوم ذلك عند ظني
وهم زحفوا لغسان بزحف ... رحيب السرب أرعن مرجحن
بكل مجرب كالليث يسمو ... على أوصال ذيال رفن
وضمر كالمداح مسومات ... عليها معشر أشباه جن
غداة تعاورته ثم بيض ... دفعن إليه في الرهج المكن
ولو أني أطعتك في أمور ... قرعت ندامة من ذاك سني
- ٢٤ - وقال أيضاً:
أتاركة تدللها قطام ... وضناً بالتحية والكلام
فإن كان الدلال فلا تلجي ... وإن كان الوداع فبالسلام
فلو كانت غداة البين منت ... وقد رفعوا الخدور على الخيام
صفحت بنظرة فرأيت منها ... تحيت الخدر واضعة القرام
ترائب يستضيء الحلي فيها ... كجمر النار بدر بالظلام
كأن الشذر والياقوت منها ... على جيداء فاترة البغام
خلت بغزالها ودنا عليها ... أراك الجزع أسفل من سنام
تسف بريره وترود فيه ... إلى دبر النهار من البشام
كان مشعشعاً من خمر بصرى ... نمته البخت مشدود الختام
تمين قلاله من بيت رأس ... إلى لقمان في سوق مقام
إذا فضت خواتمه علاه ... يبيس القمحان من المدام
على أنيابها بغريض مزن ... تقبله الجباة من الغمام
فأضحت في مداهن باردات ... بمنطلق الجنوب على الجهام
تلذ لطعمه وتخال فيه ... إذا نبهتها بعد المنام
فدعها عنك إذا شطت نواها ... ولجت من بعادك في غرام
ولكن ما أتاك عن ابن هند ... من الجزم المبين والتمام؟
فداء ما تقل النعل مني ... إلى أعلى الذؤابة للهمام
ومغراه قبائل غائظات ... على الذهيوط في لجب لهام
يقدن مع امرئ يدع الهوينى ... ويعمد للمهمات العظام
أعين على العدو بكل طرف ... وسلهبة تجلل في السمام
وأسمر مارنٍ يلتاح فيه ... سنان مثل نبراس النهام
وأنباه المنبئ أن حيا ... حلولاً من حزام أو جذام
وأن القوم نصرهم جميع ... فئام مجلبون إلى فئام
فأوردهن بطن الأتم شعثاً ... يصن المشي كالحداء التؤام
على إثر الأدلة والبغايا ... وخفق الياجيات من الشآم
فباتوا ساكنين وبات يسرى ... يقربهم له ليل التمام
فصيحهم بها صهباء صرفاً ... كأن رؤوسهم بيض النعام
فذاق الموت من بركت عليه ... وبالناجين أظفار دوامي
وهن كأنهن نعاج رمل ... يسوين الذيول على الخدام
يوصين الرواة إذا ألموا ... شعث مكرهين على الفطام
وأضحى ساطعاً بحبال حسمي ... دقاق الترب محتزم القتام
فهم الصالبون ليدركوه ... وما راموا بذلك من مرام
إلى صعب المقادة ذي شريس ... نماه في قروع المجد نامي
أبوه قبله وأبو أبيه ... بنوا مجد الحياة على إمام
فدوحت العراق فكل قصر ... يجلل خندق منه وحام
وما تنفك محلولاً عراها ... على متناذر الأكلاء طام
- ٢٥ - وقال يمدح النعمان بن وائل بن الجلاح الكلبي:
أهاجك من سعدك مغنى المعاهد ... بروضة نعمي فذات الأساود
تعاورها الأرواح ينسفن تربها ... وكل ملث ذي أهاضيب راعد
بها كل ذيال وخنساء ترعوي ... إلى كل رجاف من الرمل فارد
عهدت بها سعدى وسعدى غريرة ... عروب تهادى في جوار خرائد
لعمري النعم الحي صبح سر بنا ... وأبياتنا يوماً بذات المراود
يقودهم النعمان منه بمحصف ... وكيد يغم الخارجي مناجد
وشيمة لا وان ولا واهن القوى ... وجد إذا خاب المفيدون صاعد
فآب بأبكار وعون عقائل ... أوانس يحميها امرؤ غير زاهد