للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن المرأة غير مأمونة على البضع، لنقص عقلها، وسرعة إنخداعها، فلم يجز تفويضه إليها، كالمبذر في المال، فإن زوجت المرأة نفسها، أو غيرها لم يصح. روي عن عمر وعلي وغيرهما. ذكره في الشرح. وعن أبي هريرة مرفوعاً: "لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها" رواه ابن ماجه والدارقطني. وعن عكرمة بن خالد قال: "جمعت الطريق ركباً، فجعلت امرأة منهن ثيب أمرها بيد رجل غير ولي، فأنكحها فبلغ ذلك عمر، فجلد الناكح والمنكح، ورد نكاحهما". رواه الشافعي والدارقطني. وقوله تعالى: {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} ١. لا يدل على صحة نكاحها نفسها، بل على أن نكاحها إلى الولي: لأنها نزلت في معقل بن يسار حين امتنع من تزويج أخته، فدعاه النبي، صلى الله عليه وسلم، فزوجها. رواه البخاري وغيره بمعناه، فلو لم يكن لمعقل ولاية النكاح لما عاتبه تعالى على ذلك، وإنما أضافه إلى النساء، لتعلقه بهن وعقده عليهن.

"وشرط فيه ذكورية، وعقل، وبلوغ وحرية" فلا ولاية لامرأة، ولا مجنون، ولا صبي، ولا عبد، لأن هؤلاء لا يملكون تزويج أنفسهم، فلا يملكون تزويج غيرهم بطريق الأولى. قال الإمام أحمد: لا يزوج الغلام حتى يحتلم ليس له أمر.

"واتفاق دين" فلا ولاية لكافر على مسلمة وعكسه، لأنه لا توارث بينهما بالنسب، ولقوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} ٢. وقال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} ٣.


١ البقرة من الآية/ ٢٣٢.
٢ التوبة من الآية/ ٧١.
٣ الأنفال من الآية/ ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>