أَو يرجح النَّقْل على الْعقل وَهُوَ محَال لِأَن الْعقل أصل للنَّقْل فالقدح فِي الْعقل قدح فِي أصل النَّقْل فالقدح فِي الأَصْل لتصحيح الْفَرْع يُوجب الْقدح فيهمَا مَعًا
وَإِمَّا أَن يرجح حكم الْعقل على مُقْتَضى الْعُمُوم وَهَذَا هُوَ مرادنا من تَخْصِيص الْعُمُوم لِلْعَقْلِ
وَأما الْبَحْث اللَّفْظِيّ فَهُوَ ان الْعقل هَل يُسمى خصصا أم لَا فَنَقُول إِن أردْت بالمخصص الْأَمر الَّذِي يُؤثر فِي اخْتِصَاص اللَّفْظ الْعَام فِي بعض مسمياته فالعقل غير مُخَصص لِأَن الْمُقْتَضى لذَلِك الِاخْتِصَاص هُوَ الْإِرَادَة الْقَائِمَة بالمتكلم وَالْعقل يكون دَلِيلا على تحقق تِلْكَ الْإِرَادَة فالعقل يكون دَلِيل الْمُخَصّص على هَذَا التَّفْسِير وَجب أَن لَا يكون الْكتاب مُخَصّصا للْكتاب وَلَا السّنة للسّنة لِأَن الْمُؤثر فِي ذَلِك التَّخْصِيص هُوَ الْإِرَادَة لَا تِلْكَ الْأَلْفَاظ
فَإِن قيل لَو جَازَ التَّخْصِيص بِالْعقلِ فَهَل يجوز النّسخ بِهِ قُلْنَا نعم لِأَن من سَقَطت رِجْلَاهُ سقط عَنهُ فرض غسل الرجلَيْن وَذَلِكَ إِنَّمَا عرف بِالْعقلِ
وَقَالَ الْقَرَافِيّ فِي تَنْقِيح الْفُصُول يجوز عِنْد مَالك وَأَصْحَابه تَخْصِيص الْعَام بِالْعقلِ خلافًا لقوم كَقَوْلِه تَعَالَى {الله خَالق كل شَيْء} خصص الْعقل ذَات الله وَصِفَاته وَقَالَ فِي شَرحه الْخلاف محكي على هَذِه الصُّورَة وَعِنْدِي أَنه عَائِد على التَّسْمِيَة فَإِن خُرُوج الْأُمُور من هَذَا الْعُمُوم لَا يُنَازع فِيهِ مُسلم غير أَنه لَا يُسمى بالتخصيص إِلَّا مَا كَانَ بِاللَّفْظِ هَذَا مَا يُمكن أَن يُقَال أما بَقَاء الْعُمُوم على عُمُومه فَلَا يَقُوله مُسلم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute