وَقد توهم كثير من النَّاس أَن ذكر السَّنَد يدل على تَقْوِيَة الْخَبَر وَالْحَال أَنه يدل إِمَّا على تقويته أَو توهِينه إِلَّا أَنه يَنْبَغِي التنبه لأمر وَهُوَ ان بعض المؤرخين رُبمَا غلب عَلَيْهِم التعصب على من يخالفهم فسعوا فِي ستر محاسنه بِأَن ينقلوا عَن غَيرهم حملهمْ شدَّة التعصب على الافتراء عَلَيْهِ وَلَو كَانَ على لِسَان غَيرهم بِأَن ينقلوا عَن غَيرهم مِمَّن لَا يوثق بِهِ خَبرا يشين خالفهم إِلَّا ان هَذَا لَا يخفى على النبيه الباحث
إِلَّا أَن بعض أَرْبَاب السخافة يعرضون إِلَى مَا كتبه بعض المؤرخين الثِّقَات فِي حق مخالفهم مِمَّا لَو كَانَ فِي حق محالفيهم لم يكتبوا غير ذَلِك فيوهمون الأغمار أَن فلَانا بخس فلَانا حَقه لكَونه مُخَالفا لَهُ كَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ أَن يخلق المؤرخ لَهُ محَاسِن غير مَا فِيهِ
وَقد ترْجم أنَاس من كبار المؤرخين أُنَاسًا من الْمَشْهُورين بِالْفَضْلِ وفوهم فِيهَا حَقهم بل زادوا فِي ذَلِك فَعمد بعض المتعصبين لَهُم إِلَى الغض عَنْهُم والتنفير مِنْهُم زاعمين أَنهم لم يوفوهم حَقهم بغيا وعدوانا مَعَ أَن المترجمين لَو رَأَوْا تِلْكَ التراجم لقالوا للمترجمين قد أعطيتمونا فَوق مَا نستحق وعدوهم من اعظم المخلصين فِي حبهم لَا أَن أَكثر هَؤُلَاءِ الأتباع هم بنزلة الرعاع لَيْسَ لَهُم رَأْي جزل يفرقون بِهِ بَين الْجد والهزل فَلَا يَنْبَغِي أَن يعبأ بكلامهم وَلَا يلْتَفت إِلَى ملامهم فهم منكرون للإحسان لَيْسَ فيهم غير الصُّورَة من الْإِنْسَان
هَذَا والمؤلفات فِي الروَاة قد سبق ذكر بَعضهم وَقد أحببنا أَن نعود إِلَى ذَلِك وَإِن تَكَرَّرت بعض الْأَسْمَاء فَنَقُول نقلا عَمَّن لَهُم عناية بذلك
وَمن الْكتب الْمُشْتَملَة على الثِّقَات والضعفاء جَمِيعًا كتاب ابْن أبي خَيْثَمَة وَهُوَ كثير الْفَوَائِد