بمطابقة الْوَاقِع فَيجوز كَون الْوَاقِع خِلَافه وَقد أخرج مُسلم عَن كثير مِمَّن لم يسلم من غوائل الْجرْح وَكَذَا فِي البُخَارِيّ جمَاعَة تكلم فيهم فدار الْأَمر فِي الروَاة على اجْتِهَاد الْعلمَاء فيهم وَكَذَا فِي الشُّرُوط حَتَّى إِن من اعْتبر شرطا وألغاه آخر يكون مَا رَوَاهُ الآخر مِمَّا لَيْسَ فِيهِ ذَلِك الشَّرْط عِنْده مكافئا لمعارضة الْمُشْتَمل على ذَلِك الشَّرْط وَكَذَا فِيمَن تضعف رَاوِيا وَوَثَّقَهُ آخر
نعم تسكن نفس غير الْمُجْتَهد وَمن لم يخبر أَمر الرواي بِنَفسِهِ إِلَى مَا اجْتمع عَلَيْهِ الْأَكْثَر أما الْمُجْتَهد فباعتبار الشَّرْط وَعَدَمه وَالَّذِي خبر الرَّاوِي فَلَا يرجع إِلَّا إِلَى رَأْي نَفسه فَمَا صَحَّ من الحَدِيث فِي غير الْكِتَابَيْنِ يُعَارض مَا فيهمَا
وَلَا يخفى أَن صَاحِبي الصَّحِيحَيْنِ لم يكتفيا فِي التَّصْحِيح بِمُجَرَّد النّظر إِلَى حَال الرَّاوِي فِي الْعَدَالَة والضبط كَمَا يتوهمه كثير مِمَّن لم يعن بهما وَلم يكن لَهُ إمعان نظر فِي أصُول الْأَثر بل ضما إِلَى ذَلِك النّظر فِي أُمُور أُخْرَى بمجموعها يظْهر الحكم بِالصِّحَّةِ وَقد ذكرنَا شَيْئا من ذَلِك سَابِقًا وَرُبمَا ألممنا بِهِ عِنْد ذكر الْمُسْتَدْرك
وَقد تعرض الْعَلامَة تَقِيّ الدّين بن تَيْمِية إِلَى مَا ذكرنَا آنِفا فَقَالَ فصل وَأما الحَدِيث الْوَاحِد إِذا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَرَوَاهُ الْمُوَطَّأ فقد تكون رجال البُخَارِيّ أفضل وَقد تكون رجال الْمُوَطَّأ فَينْظر فِي هَذَا وَهَذَا إِلَى رجالهما وَنحن وَإِن كُنَّا نعلم أَن الرِّجَال الَّذين فِي البُخَارِيّ اعظم من الرِّجَال الَّذين فِي الْمُوَطَّأ على الْجُمْلَة فَهَذَا لَا يُفِيد الْعلم بِالتَّعْيِينِ فَإِن أَعْيَان ثِقَات الْمُوَطَّأ روى لَهُم البُخَارِيّ فهم من رجال الْمُوَطَّأ وَالْبُخَارِيّ والمتن الْوَاحِد قد يرويهِ البُخَارِيّ بِإِسْنَاد وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأ بِإِسْنَاد آخر على شَرط البُخَارِيّ أَجود من رجال البُخَارِيّ فَالْحَدِيث إِذا كَانَ مُسْندًا فِي الْكِتَابَيْنِ نظر إِلَى إسنادهما وَلَا يحكم فِي هَذَا بِحكم مُجمل