وَالْحسن مَا اتَّصل إِسْنَاده بِنَقْل عدل عَن مثله من أَوله إلة منتهاه وَكَانَ فِي رُوَاته مَعَ كَونهم موسومين بالضبط من لَا يكون قَوِيا فِيهِ وَسلم من شذوذ وَعلة
وَالْمرَاد بالْحسنِ هُنَا الْحسن لذاته وَهُوَ كَالصَّحِيحِ لذاته فِي كل شَيْء إِلَّا فِي أَمر وَاحِد وَهُوَ تَمام الضَّبْط فَإِن الصَّحِيح لذاته لَا بُد أَن يكون كل وَاحِد من رُوَاته تَامّ الضَّبْط وَالْحسن لذاته لَا بُد أَن يكون فِي رُوَاته من لَا يكون تَامّ الضَّبْط وَقد ظهر لَك أَن المُرَاد بالضابط فِي تَعْرِيف الصَّحِيح التَّام الضَّبْط وَقد اخْتَار بَعضهم التَّصْرِيح بذلك دفعا للالتباس
وَالْحسن لذاته إِذا ورد من طَرِيق آخر مسَاوٍ للطريق الذيورد مِنْهُ أَو أرجح ارْتَفع إِلَى دَرَجَة الصَّحِيح لغيره فَإِن ورد من طَرِيق أدنى من الطَّرِيق الَّذِي ورد مِنْهُ لم يحكم لَهُ بِالصِّحَّةِ وَذَلِكَ كَأَن يرد من طَرِيق الْحسن لغيره إِلَّا أَن يَتَعَدَّد هَذَا الطَّرِيق
وَالْحَاصِل أَن الْحسن لذاته يرْتَفع عَن دَرَجَته إِلَى دَرَجَة الصَّحِيح إِذا ورد من طَرِيق وَاحِد يكون مُسَاوِيا لطريقة أَو راجحا عَلَيْهِ أَو من طرق مُتعَدِّدَة وَلَو كَانَ كل وَاحِد مِنْهَا منحطا عَنهُ
وَأما قَول الْحَافِظ الْمُنْذِرِيّ هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح بلاجمع بَين الوصفين مَعًا فللعلماء فِي مُرَاده أَقْوَال نكتفي هُنَا بإيراد أَحدهَا وَهُوَ أَن الحَدِيث الْمَوْصُوف بذلك إِن لم يكن لَهُ إِلَّا إِسْنَاد وَاحِد فوصفه بالوصفين مَعًا يكون