وتعريفه إِنَّمَا وَقع على مَا يَقُول فِيهِ حسن فَقَط وَيدل على ذَلِك مَا قَالَه فِي آخر كِتَابه وَهُوَ مَا قُلْنَا فِي كتَابنَا حَدِيث حسن فَإِنَّمَا أردنَا بِهِ حسن إِسْنَاده عندنَا فَكل حَدِيث يرْوى لَا يكون رَاوِيه مُتَّهمًا بكذب ويروى من غير وَجه نَحْو ذَلِك وَلَا يكون شاذا فَهُوَ عندنَا حَدِيث حسن
فَعرف بِهَذَا إِنَّمَا عرف مَا يَقُول فِيهِ حسن فَقَط وَأما مَا يَقُول فِيهِ حسن صَحِيح أَو حسن غَرِيب أَو حسن صَحِيح غَرِيب فَلم يعرفهُ كَمَا لم يعرف مَا يَقُول فِيهِ صَحِيح أَو غَرِيب وَكَأَنَّهُ ترك ذَلِك لشهرته عِنْد أهل الْفَنّ وَاقْتصر على تَعْرِيف مَا يَقُول فِيهِ حسن فَقَط إِمَّا لخفائه وَإِمَّا لِأَنَّهُ اصْطِلَاح لَهُ جَدِيد لم يكن من قبل فَوَجَبَ تَعْرِيفه من قبله ليعرف مَا أَرَادَ بِهِ
ويتفاوت الصَّحِيح الرُّتْبَة بِسَبَب تفَاوت الْأَوْصَاف الْمُقْتَضِيَة للصِّحَّة فِي الْقُوَّة فَمن الرُّتْبَة الْعليا فِي ذَلِك مَا رُوِيَ بِإِسْنَاد أطلق عَلَيْهِ بعض الْأَئِمَّة أَنه أصح الْأَسَانِيد كالزهري عَن سَالم بن عبد الله بن عمر عَن أَبِيه وكمحمد بن سِيرِين عَن عُبَيْدَة بن عَمْرو السَّلمَانِي عَن عَليّ وكإبراهيم النَّخعِيّ عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله بن مَسْعُود
ويليها فِي الرُّتْبَة مثل رِوَايَة بريد بن عبد الله بن أبي بردة عَن جده عَن أَبِيه أبي مُوسَى وَمثل رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس
ويليها فِي الرُّتْبَة مثل رِوَايَة سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة وَمثل رِوَايَة الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة فَإِن الْجَمِيع يشملهم اسْم الْعَدَالَة والضبط إِلَّا أَن للمرتبة الأولى من الصِّفَات المرجحة مَا يَقْتَضِي تَقْدِيم روايتهم على الَّتِي تَلِيهَا وَفِي الَّتِي تَلِيهَا من قُوَّة الضَّبْط مَا يَقْتَضِي تَقْدِيمهَا على الثَّالِثَة وَهِي مُقَدّمَة على رِوَايَة من يعد مَا ينْفَرد بِهِ حسنا كمحمد بن إِسْحَاق عَن عَاصِم بن عمر عَن جَابر وَعَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده وَقس على هَذَا مَا يُشبههُ