وَقد وهم بعض النَّاس وَقَالَ لَا يُؤمن أحد بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالِسا وَاحْتج بِحَدِيث رَوَاهُ مُنْقَطِعًا عَن رجل مَرْغُوب عَن الرِّوَايَة عَنهُ لَا يثبت بِمثلِهِ حجَّة على أحد فِيهِ لَا يُؤمن أحد بعدِي جَالِسا
وَإِن كَانَ مُتَعَلق الْحَدِيثين مِمَّا لَا يُمكن وُقُوع النّسخ فِيهِ كالخبر الْمَحْض أَو كَانَ مِمَّا يُمكن وُقُوع النّسخ فِيهِ كالأمر وَالنَّهْي وَلَكِن لم يعرف الْمُتَأَخر مِنْهُمَا نظر فِي المرجحات فَإِن وجد فِي أَحدهمَا مَا يَقْتَضِي رجحانه على الآخر أَخذ بِهِ وَترك الآخر فَإِن لم يُوجد ذَلِك وَجب التَّوَقُّف فيهمَا
أما الْقسم الأول وَهُوَ مَا لَا يُمكن وُقُوع النّسخ فِيهِ فَلِأَن التَّعَارُض فِيهِ بَين الْحَدِيثين إِنَّمَا يكون بالتناقض والتناقض بَين الْخَبَرَيْنِ يدل على أَن أَحدهمَا كذب قطعا تفلا يكون صادرا من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلما كَانَ غير مُتَعَيّن وَجب التَّوَقُّف فِي كل مِنْهُمَا فِي أَمر الدّين وَأمر التَّوَقُّف هُنَا مِمَّا لَا يظنّ أَنه توقف فِيهِ أحد يعرف
وَقد بلغ الإفراط فِي الِاحْتِيَاط بِبَعْض الْمُعْتَزلَة وَهُوَ أَبُو بكر بن كيسَان الْأَصَم الْبَصْرِيّ إِلَى أَن قَالَ كَمَا ذكره ابْن حزم لَو أَن مئة خبر ثَبت أَنَّهَا كلهَا صِحَاح إِلَّا وَاحِد مِنْهَا لَا يعرف بِعَيْنِه أَيهَا هُوَ فَإِن الْوَاجِب التَّوَقُّف عَن جَمِيعهَا