للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَأما من جِهَة نظر الْمُجْتَهد فممكن بِلَا خلاف إِلَّا أَنهم إِنَّمَا نظرُوا فِيهِ بِالنّسَبِ إِلَى كل مَوضِع لَا يُمكن فِيهِ الْجمع بَين الدَّلِيلَيْنِ وَهُوَ صَوَاب فَإِنَّهُ إِن أمكن الْجمع فَلَا تعَارض كالعام مَعَ الْخَاص وَالْمُطلق مَعَ الْقَيْد وَأَشْبَاه ذَلِك

وَقَالَ فِي كتاب الِاجْتِهَاد فِي الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة الشَّرِيعَة كلهَا ترجع إِلَى قَول وَاحِد فِي فروعها وَإِن كثر الْخلاف كَمَا أَنَّهَا فِي أُصُولهَا كَذَلِك

وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أُمُور

أَحدهَا أَدِلَّة الْقُرْآن من ذَلِك قَوْله تَعَالَى {وَلَو كَانَ من عِنْد غير الله لوجدوا فِيهِ اخْتِلَافا كثيرا} فنفى أَن يَقع فِيهِ الِاخْتِلَاف الْبَتَّةَ وَلَو كَانَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي قَوْلَيْنِ مُخْتَلفين لم يصدق عَلَيْهِ هَذَا الْكَلَام على حَال والآيات فِي ذمّ الِاخْتِلَاف وَالْأَمر بِالرُّجُوعِ إِلَى الشَّرِيعَة كَثِيرَة كلهَا قَاطع فِي أَنَّهَا لَا اخْتِلَاف فِيهَا

الثَّانِي أَن عَامَّة أهل الشَّرِيعَة أثبتوا فِي الْقُرْآن وَالسّنة النَّاسِخ والمنسوخ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا بَين دَلِيلين يتعارضان بِحَيْثُ لَا يَصح اجْتِمَاعهمَا بِحَال وَإِلَّا لما كَانَ أَحدهمَا نَاسِخا وَالْآخر مَنْسُوخا وَالْفَرْض خلَافَة

فَلَو كَانَ الِاخْتِلَاف من الدّين لما كَانَ لإِثْبَات النَّاسِخ والمنسوخ من غير نَص قَاطع فِيهِ فَائِدَة وَكَانَ الْكَلَام فِي ذَلِك كلَاما فِيمَا لَا يجني ثَمَرَة إِذْ كَانَ يَصح الْعَمَل بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا ابْتِدَاء ودواما استنادا إِلَى أَن الِاخْتِلَاف أصل من أصُول الدّين لَكِن هَذَا بَاطِل بِإِجْمَاع على أَن الِاخْتِلَاف لَا أصل لَهُ فِي الشَّرِيعَة وَهَكَذَا القَوْل فِي كل دَلِيل مَعَ مُعَارضَة كالعموم وَالْخُصُوص وَالْإِطْلَاق وَالتَّقْيِيد وَمَا أشبه ذَلِك

الثَّالِث أَنه لَو كَانَ فِي الشَّرِيعَة مساغ للْخلاف لَأَدَّى إِلَى تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق

<<  <  ج: ص:  >  >>