وَترك الآخر وغن كَانَا مِمَّا لَا يُمكن وُقُوع النّسخ فِيهِ أَو كَانَا مِمَّا يُمكن وُقُوع النّسخ فِيهِ لَكِن لم يُوقف عل الْمُتَأَخر مِنْهُمَا بحث عَن الرَّاجِح مِنْهُمَا فَإِن عرف أَخذ بِهِ وَترك الآخر وَإِن لم يعرف الرَّاجِح مِنْهُمَا تعين التَّوَقُّف فيهمَا
قَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ فِي كتاب اللمع فِي بَاب القَوْل فِي تَرْجِيح أحد الْخَبَرَيْنِ على الآخر وَجُمْلَته أَنه إِذا تعَارض خبران وَأمكن الْجمع بَينهمَا وترتيب أَحدهمَا على الآخر فِي الِاسْتِعْمَال فعل وَإِن لم بمكن وَأمكن نسخ أَحدهمَا بِالْآخرِ فعل على مَا بَينته فِي بَاب بَيَان الْأَدِلَّة الَّتِي يجوز التَّخْصِيص بهَا وَمَا لَا يجوز فَإِن لم يُمكن ذَلِك رجح أَحدهمَا على الآخر بِوَجْه من وُجُوه التَّرْجِيح
وَقد أورد بعض الْعلمَاء هُنَا إشْكَالًا وَهُوَ أَن الْبَحْث هُنَا غنما هُوَ فِي تعَارض الْحَدِيثين المقبولين وَقد سبق قَرِيبا أَن الحَدِيث المقبول إِذا عَارضه حَدِيث غير مَقْبُول أَخذ بالمقبول وَترك الآخر إِذْ لَا حكم لضعيف مَعَ الْقوي وَمَا ذكر فِي هَذَا الْموضع يدل على أَن الْخَبَرَيْنِ المقبولين قد يكون أَحدهمَا راجحا وَالْآخر مرجوحا وَقد لَا يظْهر وَجه التَّرْجِيح فَيتَوَقَّف فيهمَا
وَقد تقرر أَن الثِّقَة إِذا خَالفه من هُوَ أرجح مِنْهُ سمي حَدِيثه شاذا والشاذ من الْمَرْدُود وَأَن الحَدِيث إِذا وَقع الْخلاف فِيهِ بالإبدال فِي مَتنه أَو سَنَده وَلَا مُرَجّح سمي حَدِيثه مضطربا والمضطرب من الْمَرْدُود
وَذهب بعض الْعلمَاء إِلَى تَقْدِيم التَّرْجِيح ثمَّ الْجمع ثمَّ النّسخ وَذهب آخَرُونَ إِلَى تَقْدِيم التَّرْجِيح ثن النّسخ ثمَّ الْجمع وَقد ذكر بعض من ذهب إِلَى تَقْدِيم التَّرْجِيح على مَا سواهُ أَن الْعُقُول مطبقة على تَقْدِيم الرَّاجِح على غَيره فتقديم غَيره عَلَيْهِ هدم لقواعد الْأُصُول وَأما هَذِه الْأُصُول فَهِيَ من تَصَرُّفَات الْعُقُول