القَوْل الثَّالِث أَنه مَا سقط راو من إِسْنَاده فَأكْثر من أَي مَوضِع كَانَ
فعلى هَذَا يكون الْمُرْسل والمنقطع بِمَعْنى وَاحِد
وَالْمَعْرُوف فِي الْفِقْه وأصوله أَن ذَلِك يُسمى مُرْسلا إِلَّا أَن أَكثر مَا يُوصف بِالْإِرْسَال من حَيْثُ الِاسْتِعْمَال مَا رَوَاهُ التَّابِعِيّ عَن النَّبِي ص =
وَقَالَ الْحَاكِم فِي كتاب الْمعرفَة إِن الْإِرْسَال مَخْصُوص بالتابعين
وَخَالف ذَلِك فِي الدخل فَقَالَ هُوَ قَول التَّابِعِيّ أَو تَابِعِيّ التَّابِعِيّ قَالَ رَسُول الله ص = وَبَينه وَبَين الرَّسُول قرن أَو قرنان وَلَا يذكر سَمَاعه من الَّذِي سَمعه يَعْنِي فِي رِوَايَة أُخْرَى
وَقد أطلق الْمُرْسل على الْمُنْقَطع من أَئِمَّة الحَدِيث أَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم وَالدَّارَقُطْنِيّ وَقد صرح البُخَارِيّ فِي حَدِيث لإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ بِأَنَّهُ مُرْسل لكَون إِبْرَاهِيم لم يسمع من أبي سعيد وَصرح هُوَ وَأَبُو دَاوُد فِي حَدِيث العون بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود عَن ابْن مَسْعُود بِأَنَّهُ مُرْسل لكَونه لم يدْرك ابْن مَسْعُود
وَأما قَول بعض أهل الْأُصُول الْمُرْسل قَول غير الصَّحَابِيّ قَالَ رَسُول الله ص =
فَالْمُرَاد بِهِ مَا سقط مِنْهُ التَّابِعِيّ مَعَ الصَّحَابِيّ أَو مَا سقط مِنْهُ اثْنَان بعد الصَّحَابِيّ وَنَحْو ذَلِك
وَلَو حمل على الْإِطْلَاق لزم بطلَان اعْتِبَار الْأَسَانِيد وَترك النّظر فِي أَحْوَال الروَاة وَهُوَ بَين الْفساد وَلذَا خصّه بَعضهم بِأَهْل الْأَعْصَار الأول يَعْنِي الْقُرُون الفاضلة
وَقَالَ ابْن الْقطَّان فِي بَيَان الْوَهم وَالْإِيهَام إِن الْإِرْسَال رِوَايَة الرَّاوِي عَمَّن لم يسمع مِنْهُ
وَعَلِيهِ فَتكون رِوَايَة من روى عَمَّن سمع مِنْهُ مَا لم يسمع مِنْهُ بِأَن يكون بَينهمَا وَاسِطَة فِيهَا لَيست من قبيل الْإِرْسَال بل من قبيل التَّدْلِيس فَيكون فِي حد الْمُرْسل أَرْبَعَة أَقْوَال
وَهَذَا الِاخْتِلَاف يرجع إِلَى اخْتِلَاف فِي الِاصْطِلَاح وَلَا مشاحة فِيهِ