ثمَّ إِن السُّقُوط من السَّنَد قد يكون وَاضحا يشْتَرك فِي مَعْرفَته كَثِيرُونَ من أهل الْفَنّ وَلَا يخفى عَلَيْهِم وَذَلِكَ فِي مثل مَا إِذا كَانَ الرَّاوِي لم يعاصر من روى عَنهُ وَقد يكون خفِيا لَا يُدْرِكهُ إِلَّا الْأَئِمَّة الحذاق المطلعون على طرق الْأَحَادِيث وَعلل الْأَسَانِيد وَالْأول يدْرك بِمَعْرِِفَة التَّارِيخ لتَضَمّنه التَّعْرِيف بأوقات مواليد الروَاة ووفياتهم وطلبهم وارتحالهم وَغير ذَلِك
وَيُقَال للإسناد الَّذِي يكون السُّقُوط فِيهِ وَاضحا الْمُرْسل الْجَلِيّ وللإسناد الَّذِي يكون السُّقُوط فِيهِ خفِيا المدلس بِالْفَتْح إِن كَانَ الْإِسْقَاط صادرا مِمَّن عرف لقاؤه لمن روى عَنهُ والمرسل الْخَفي إِن كَانَ الْإِسْقَاط صادرا مِمَّن عرف معاصرته لَهُ وَلم يعرف إِنَّه لقِيه وَهَذَا على قَول من فرق بَينهمَا وجعلهما متباينين وَأما من جعل الْمُرْسل الْخَفي دَاخِلا فِي المدلس فَإِنَّهُ يعرف المدلس بِأَنَّهُ هُوَ الْإِسْنَاد الَّذِي يكون السُّقُوط فِيهِ خفِيا
وَيُقَال لهَذَا النَّوْع من التَّدْلِيس تَدْلِيس الْإِسْنَاد
وَثمّ نوع آخر يُقَال لَهُ تَدْلِيس الشُّيُوخ
أما تَدْلِيس الْإِسْنَاد فَهُوَ أَن يسْقط اسْم شَيْخه الَّذِي روى عَنهُ ويرتقي إِلَى من فَوْقه فيسند ذَلِك إِلَيْهِ بِلَفْظ غير مُقْتَض للاتصال وَلكنه متوهم لَهُ كَقَوْلِه عَن فلَان أَو أَن فلَانا أَو قَالَ فلَان موهما بذلك أَنه سَمعه مِمَّن رَوَاهُ عَنهُ
وَإِنَّمَا يكون تدليسا إِذا كَانَ المدلس قد عاصر الْمَرْوِيّ عَنهُ أَو لقِيه وَلم يسمع