للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَوضِع آخر إِنَّه إِذا وَقع فِيمَن لم يلقه أقبح وأسمج يَقْتَضِي أَن الْإِرْسَال أَشد بِخِلَاف قَوْله الأول فَإِنَّهُ مشْعر بِكَوْنِهِ أخف فَكَأَنَّهُ هُنَا عَنى الْإِرْسَال الْخَفي لما فِيهِ من إِيهَام اللقي وَالسَّمَاع مَعًا وَهُنَاكَ الْجَلِيّ لعدم الالتباس فِيهِ لَا سِيمَا بعد أَن صرح بِأَن الْإِرْسَال قد يبْعَث عَلَيْهِ أُمُور لَا تضيره كَأَن يكون سمع الْخَبَر من جمَاعَة عَن الْمُرْسل عَنهُ بِحَيْثُ صَحَّ عِنْده وَوقر فِي نَفسه أَو نسي شَيْخه فِيهِ مَعَ علمه بِهِ عَن الْمُرْسل عَنهُ أَو كَانَ أَخذه لَهُ مذاكرة أَو لمعْرِفَة المتخاطبين بذلك الحَدِيث واشتهاره بَينهم أَو لغير ذَلِك مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهُ

وَقد تعرض ابْن حزم لذكر التَّدْلِيس فِي كتاب الإحكام فَقَالَ فِي فصل من يلْزم قبُول نَقله الْأَخْبَار وَأما المدلس فينقسم قسمَيْنِ

أَحدهمَا حَافظ عدل رُبمَا أرسل حَدِيثه وَرُبمَا أسْندهُ وَرُبمَا حدث بِهِ على سَبِيل المذاكرة أَو الْفتيا أَو المناظرة فَلم يذكر لَهُ سندا وَرُبمَا اقْتصر على ذكر بعض رُوَاته دون بعض فَهَذَا لَا يضر سَائِر رواياته شَيْئا لِأَن هَذَا لَيْسَ جرحة وَلَا غَفلَة لَكنا نَتْرُك من حَدِيثه مَا علمنَا يَقِينا أَنه أرْسلهُ وَمَا علمنَا أَنه أسقط بعض من فِي إِسْنَاده ونأخذ من حَدِيثه مَا لم نوقن فِيهِ شَيْئا من ذَلِك

وَسَوَاء قَالَ أخبرنَا فلَان أَو قَالَ عَن فلَان أَو قَالَ فلَان عَن فلَان كل ذَلِك وَاجِب قبُوله مَا لم يتَيَقَّن أَنه أورد حَدِيثا بِعَيْنِه إيرادا غير مُسْند فَإِن أيقنا ذَلِك تركنَا ذَلِك الحَدِيث وَحده فَقَط وأخذنا سَائِر رواياته

وَقد روينَا عَن عبد الرَّزَّاق بن همام قَالَ كَانَ معمر يُرْسل لنا أَحَادِيث فَلَمَّا قدم عَلَيْهِ عبد الله بن الْمُبَارك أسندها لَهُ

وَهَذَا النَّوْع مِنْهُ كَانَ جلة أَصْحَاب الحَدِيث وأئمة الْمُسلمين كالحسن الْبَصْرِيّ وَأبي إِسْحَاق السبيعِي وَقَتَادَة بن دعامة وَعَمْرو بن دِينَار وَسليمَان الْأَعْمَش وَأبي الزبير وسُفْيَان الثَّوْريّ وسُفْيَان بن

<<  <  ج: ص:  >  >>