للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وروى التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه عَن عبد الله بن مُغفل قَالَ سمعني أبي وَأَنا أَقرَأ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فَقَالَ أَي بني مُحدث إياك وَالْحَدَث وَقد صليت مَعَ النَّبِي ص = وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان فَلم أسمع مِنْهُم أحدا يَقُولهَا فَلَا تقلها إِذا أَنْت صليت فَقل الْحَمد لله رب الْعَالمين

فَأَيْنَ الْعلَّة وَلَعَلَّ المعل مَال إِلَى مذْهبه والإذعان للحق أَحَق من المراء

وَقد تصدى الْعَلامَة ابْن تَيْمِية لبَيَان هَذِه الْمَسْأَلَة على الْوَجْه الَّذِي أَدَّاهُ إِلَيْهِ بَحثه وَذَلِكَ حِين سَأَلَهُ سَائل عَن حَدِيث أنس صليت خلف النَّبِي ص = وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان فَكَانُوا يفتتحون بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين لَا يذكرُونَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فِي أول قِرَاءَة وَلَا آخرهَا هَل هُوَ مُضْطَرب أم لَا مَا حكم هَذَا الحَدِيث مُخْتَصرا فَقَالَ فِي جَوَابه

أما حَدِيث أنس فَرَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور وَرُوِيَ فِي الصَّحِيح بِأَلْفَاظ لَا تخلف هَذَا اللَّفْظ مثل قَوْله فَلم أسمع أحدا مِنْهُم يجْهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

وَهَذَا اللَّفْظ لَا يُنَافِي الأول لِأَن أنسا لم ينف الْقِرَاءَة فِي السِّرّ وَلَا يُمكنهُ نفي ذَلِك فَإِنَّهُ قد ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ أَن النَّبِي ص = كَانَت لَهُ سكتة طَوِيلَة بَين التَّكْبِير وَالْقِرَاءَة فَإِذا قَرَأَ فِي تِلْكَ السكتة الْبَسْمَلَة لم يسْمعهَا أنس وَلَا يُمكنهُ فِي ذَلِك فَإِن أنسا إِنَّمَا نفى مَا يُمكنهُ الْعلم بانتفائه وَهُوَ ذكرهَا جَهرا

وَفِي التِّرْمِذِيّ وَغَيره أَن أنسا سُئِلَ هَل كَانَ رَسُول الله ص = يقْرَأ بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فَقَالَ إِنَّك لتسألني عَن شَيْء مَا سَأَلَني عَنهُ أحد وَقَالَ لَا أحفظه

وَهَذَا لَا يُنَافِي ذَلِك الأول لِأَنَّهُ سَأَلَهُ عَن قِرَاءَة ذَلِك سرا وَهُوَ لَا يعلم ذَلِك

فأحاديث أنس الصَّحِيحَة كلهَا مؤتلفة متفقة تبين أَنه نفى الْجَهْر بِالْقِرَاءَةِ وَأَنه لم يتَكَلَّم فِي قرَاءَتهَا سرا لَا بِنَفْي وَلَا إِثْبَات وَحِينَئِذٍ فَلَا اضْطِرَاب فِي أَحَادِيثه

<<  <  ج: ص:  >  >>