للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لفظ الشَّارِع وَلَو جَازَ ذَلِك لجَاز للثَّالِث الرَّاوِي عَن الثَّانِي وللرابع الرَّاوِي عَن الثَّالِث وَهَكَذَا وَذَلِكَ يسْتَلْزم سُقُوط الْكَلَام الأول بِالْكُلِّيَّةِ فَإِن الْمعبر إِذا ترْجم وَبَالغ فِي الْمُطَابقَة تعذر عَلَيْهِ الْإِتْيَان بِلَفْظ لَيْسَ بَينه وَبَين اللَّفْظ الأول تفَاوت بِالْكُلِّيَّةِ فتنتفي الْمُنَاسبَة بَين كَلَام النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَكَلَام الرَّاوِي الْأَخير

وَالْجَوَاب أَن من أدّى الْمَعْنى بِتَمَامِهِ يُوصف بِأَنَّهُ أدّى كَمَا سمع وَإِن اخْتلفت الْأَلْفَاظ وَلِهَذَا يُوصف الشَّاهِد والمترجم بأَدَاء مَا سمعا وَإِن عبرا بِلَفْظ مرادف على أَن هَذَا الحَدِيث حجَّة لنا فَإِنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ذكر الْعلَّة وَهِي اخْتِلَاف النَّاس فِي الْفِقْه فَمَا لَا يخْتَلف فِيهِ النَّاس كالألفاظ المترادفة لَا يمْنَع مِنْهُ

على أَن هَذَا الحَدِيث بِعَيْنِه قد نقل بِأَلْفَاظ مُخْتَلفَة وَالْمعْنَى وَاحِد يرْوى رحم الله امْرأ ونضر الله امْرأ وَرب حَامِل فقه لَا فقه لَهُ وَغير فَقِيه

وَهَذِه الْأَلْفَاظ وَإِن أمكن أَن يكون جَمِيعهَا قَول الرَّسُول فِي أَوْقَات مُخْتَلفَة لَكِن الْأَغْلَب أَنه حَدِيث وَاحِد

وَقد رَأَيْت بعض من ألف فِي أصُول الحَدِيث أَو أصُول الْفِقْه قد أَطَالَ فِي بَيَان مَا قيل فِي هَذِه الْمَسْأَلَة فَأَحْبَبْت أَن أورد من كَلَامهم هُنَا مَا يزِيد الْمَسْأَلَة جلاء فَأَقُول

ذهبت طَائِفَة من الْعلمَاء إِلَى أَنه لَا تجوز الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى مُطلقًا وَنقل ذَلِك عَن كثير من الْمُحدثين وَالْفُقَهَاء وَأهل الْأُصُول وَهُوَ مَذْهَب الظَّاهِرِيَّة وَنقل عَن عبد الله بن عمر وَجَمَاعَة من التَّابِعين مِنْهُم ابْن سِيرِين وَبِه قَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو إِسْحَاق الإسفرائيني وَأَبُو بكر الرَّازِيّ

قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَهُوَ الصَّحِيح من مَذْهَب مَالك وَيدل على ذَلِك قَوْله لَا أكتب إِلَّا على رجل يعرف مَا يخرج من رَأسه وَذَلِكَ فِي جَوَاب من قَالَ لَهُ لم لم تكْتب عَن النَّاس وَقد أدركتهم متوافرين وَكَذَلِكَ تَركه الْأَخْذ عَمَّن لَهُم فضل وَصَلَاح إِذا كَانُوا لَا يعْرفُونَ مَا يحدثُونَ بِهِ

قَالَ بعض الْعلمَاء وَفِي هَذَا إِشَارَة إِلَى انتشار الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى فِي عصره وَقد

<<  <  ج: ص:  >  >>