للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ضَاقَ ذَلِك أسلم

يَعْنِي مَا ذكرنَا وَهُوَ أَنه لَا يفصل إِلَّا مَا لَيْسَ مرتبطا بِالْبَاقِي وَقد يعسر هَذَا فِي بعض الْأَحَادِيث فَيكون كُله مرتبطا بِالْبَاقِي أَو يشك فِي ارتباطه فَفِي هَذِه الْحَالة يتَعَيَّن ذكره بِتَمَامِهِ وهيئته لكَون أسلم مَخَافَة من الْخَطَأ والزلل وَالله أعلم

وَقد تعرض ابْن الصّلاح فِي مَبْحَث اخْتِصَار الحَدِيث لحكم تقطيعه فَقَالَ وَأما تقطيع المُصَنّف متن الحَدِيث الْوَاحِد وتفريقه فِي الْأَبْوَاب فَهُوَ إِلَى الْجَوَاز أقرب وَمن الْمَنْع أبعد وَقد فعله مَالك وَالْبُخَارِيّ وَغير وَاحِد من أَئِمَّة الحَدِيث وَلَا يَخْلُو من كَرَاهِيَة وَالله أعلم

وَمِمَّنْ نسب إِلَيْهِ فعل ذَلِك أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَقد أشكل نِسْبَة ذَلِك إِلَى مَالك وَأحمد

أما مَالك فَلَمَّا نقل أَشهب عَنهُ أَنه كَانَ يكره النَّقْص من الحَدِيث وَقد ذكرنَا عِبَارَته بلفظها قَرِيبا وَأما أَحْمد فَلَمَّا نقل الْخلال عَنهُ أَنه قَالَ إِنَّه يَنْبَغِي أَن لَا يفعل

وَقد يُجَاب عَن ذَلِك بِأَنَّهُمَا رُبمَا كَانَا يفرقان بَين الرِّوَايَة وَغَيرهَا فيمنعان ذَلِك فِي حَال الرِّوَايَة ويجيزانه فِي حَال الاستشهاد لَا سِيمَا إِن كَانَ الْمَعْنى المستنبط من الْقطعَة الَّتِي يُرَاد الاستشهاد بهَا مِمَّا يدق على الأفكار فَإِن إيرادها وَحدهَا أقرب إِلَى الْفَهم وَأبْعد من الْوَهم

وَاخْتَارَ بعض الْمُحَقِّقين التَّفْصِيل فِي هَذِه الْمَسْأَلَة فَقَالَ إِن حصل الْقطع بِأَن الْمَحْذُوف لَا يخل بِالْبَاقِي فَلَا كَرَاهَة فِي ذَلِك وَإِن لم يحصل ذَلِك فَلَا يَخْلُو الْأَمر من كَرَاهَة إِلَّا أَن درجاتها تخْتَلف باخْتلَاف حَاله فِي ظُهُور ارتباط بعضه بِبَعْض وخفائه

وَقد تبَاعد مُسلم عَن ذَلِك فَإِنَّهُ لكَونه لم يقْصد مَا قَصده البُخَارِيّ من استنباط الْأَحْكَام أورد كل حَدِيث بِتَمَامِهِ من غير تقطيع لَهُ وَلَا اخْتِصَار إِذا لم يقل فِيهِ مثل حَدِيث فلَان أَو نَحوه

الْفَرْع الثَّانِي إِذا روى الْمُحدث الحَدِيث بِإِسْنَاد ثمَّ أتبعه بِإِسْنَاد آخر وَقَالَ عِنْد انتهائه مثله أَو نَحوه فَهَل للراوي عَنهُ أَن يقْتَصر على الْإِسْنَاد الثَّانِي ويسوق

<<  <  ج: ص:  >  >>