فَهُوَ عدل فِي سائره وَمن الْمحَال أَن يجوز قبُول بعض خَبره وَلَا يجوز قبُول سائره إِلَّا بِنَصّ من الله تَعَالَى أَو إِجْمَاع فِي التَّفْرِيق بَين ذَلِك وَإِلَّا فَهُوَ تحكم بِلَا برهَان وَقَول بِلَا علم وَذَلِكَ لَا يحل
قَالَ عَليّ وَقد غلط أَيْضا قوم آخَرُونَ مِنْهُم فَقَالُوا فلَان أعدل من فلَان وراموا بذلك تَرْجِيح خبر الأعدل على من هُوَ دونه فِي الْعَدَالَة قَالَ عَليّ وَهَذَا خطأ شَدِيد وَكَانَ يَكْفِي من الرَّد عَلَيْهِم أَن يُقَال إِنَّهُم أترك النَّاس لذَلِك وَفِي أَكثر أَمرهم يَأْخُذُونَ بِمَا روى الْأَقَل عَدَالَة ويتركون مَا روى الأعدل ولعلنا سنورد من ذَلِك طرفا صَالحا إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَلَكِن لَا بُد لنا من إبِْطَال هَذَا القَوْل بالبرهان الظَّاهِر فَأول ذَلِك أَن الله عز وَجل لم يفرق بَين خبر عدل وَخبر عدل آخر أعدل من ذَلِك وَمن حكم فِي الدّين بِغَيْر أَمر الله تَعَالَى أَو أَمر رَسُوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَو إِجْمَاع مُتَيَقن مَقْطُوع بِهِ مَنْقُول عَن رَسُول الله فقد قفا مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ علم
وَأَيْضًا فقد يعلم الْأَقَل عَدَالَة مَا لَا يُعلمهُ من هُوَ أتم مِنْهُ عَدَالَة وَأَيْضًا فَكل مَا يتخوف من الْعدْل فَإِنَّهُ متخوف من أعدل من فِي الأَرْض بعد الرُّسُل وَأَيْضًا فَإِن الْعَدَالَة إِنَّمَا هِيَ الْتِزَام الْعدْل وَالْعدْل هُوَ الْقيام بالفرائض وَاجْتنَاب الْمَحَارِم والضبط لما روى وَأخْبر بِهِ فَقَط
وَمعنى قَوْلنَا فلَان أعدل من فلَان أَنه أَكثر نوافل فِي الْخَيْر فَقَط وَهَذِه صفة لَا مدْخل لَهَا فِي الْعَدَالَة فصح أَنه لَا يجوز تَرْجِيح رِوَايَة على أُخْرَى وَلَا تَرْجِيح شَهَادَة على أُخْرَى بِأَن أحد الراويين أَو أحد الشَّاهِدين أعدل من الآخر
وَهَذَا الَّذِي تحكموا بِهِ إِنَّمَا هُوَ من بَاب طيب النَّفس وَطيب النَّفس بَاطِل لَا معنى لَهُ فَمن حكم فِي دين الله عز وَجل بِمَا اسْتحْسنَ وَطَابَتْ نَفسه عَلَيْهِ دون