وَالْفِقْه وَقَالَ إِلْكيَا الطَّبَرِيّ فِي تَعْلِيقه من وجد حَدِيثا فِي كتاب صَحِيح جَازَ لَهُ أَن يرويهِ ويحتج بِهِ
وَقَالَ قوم من أَصْحَاب الحَدِيث لَا يجوز لَهُ أَن يرويهِ لِأَنَّهُ لم يسمعهُ وَهَذَا غلط وَكَذَا حَكَاهُ إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَان عَن بعض الْمُحدثين وَقَالَ هم عصبَة لَا مبالاة بهم فِي حقائق الْأُصُول يَعْنِي المقتصرين على السماع لَا أَئِمَّة الحَدِيث
وَقَالَ الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام فِي جَوَاب سُؤال كتبه إِلَيْهِ أَبُو مُحَمَّد بن عبد الحميد وَأما الِاعْتِمَاد على كتب الْفِقْه الصَّحِيحَة الموثوق بهَا فقد اتّفق الْعلمَاء فِي هَذَا الْعَصْر على جَوَاز الِاعْتِمَاد عَلَيْهَا والاستناد إِلَيْهَا لِأَن الثِّقَة قد حصلت بهَا كَمَا تحصل بالروايات وَلذَلِك اعْتمد النَّاس على الْكتب الْمَشْهُورَة فِي النَّحْو واللغة والطب وَسَائِر الْعُلُوم لحُصُول الثِّقَة بهَا وَبعد التَّدْلِيس
وَمن اعْتقد أَن النَّاس قد اتَّفقُوا على الْخَطَأ فِي ذَلِك فَهُوَ أولى بالْخَطَأ مِنْهُم وَلَوْلَا جَوَاز الِاعْتِمَاد على ذَلِك لتعطل كثير من الْمصَالح الْمُتَعَلّقَة بهَا وَقد رَجَعَ الشَّارِع إِلَى قَول الْأَطِبَّاء فِي صور وَلَيْسَت كتبهمْ مَأْخُوذَة فِي الأَصْل إِلَى عَن قوم كفار وَلَكِن لما بعد التَّدْلِيس فِيهَا اعْتمد عَلَيْهَا كَمَا اعْتمد فِي اللُّغَة على أشعار الْعَرَب وَأَكْثَرهم كفار لبعد التَّدْلِيس
قَالَ وَكتب الحَدِيث أولى بذلك من كتب الْفِقْه وَغَيرهَا لاعتنائهم بضبط النّسخ وتحريرها فَمن قَالَ إِن شَرط التَّخْرِيج من كتاب يتَوَقَّف على اتِّصَال السَّنَد إِلَيْهِ فقد خرق الْإِجْمَاع وَغَايَة الْمخْرج أَن ينْقل الحَدِيث من أصل موثوق بِصِحَّتِهِ وينسبه إِلَى من رَوَاهُ وَيتَكَلَّم على علته وغريبه وفقهه
قَالَ وَلَيْسَ النَّاقِل للْإِجْمَاع مَشْهُورا بِالْعلمِ مثل اشتهار هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة قَالَ بل نَص الشَّافِعِي فِي الرسَالَة على أَنه يجوز أَن يحدث بالْخبر وَإِن لم يعلم أَنه سَمعه فليت شعري أَي إِجْمَاع بعد ذَلِك