الثَّانِي أَن يَأْخُذهُ عَن كتاب مَعْرُوف قد تداولته الْأَيْدِي لَا سِيمَا إِن كَانَ من الْكتب الَّتِي ثبتَتْ بالتواتر أَو الشُّهْرَة نسبتها إِلَى مصنفيها الَّذين يعْتَمد عَلَيْهِم فِي النَّقْل
فَإِن لم يجد إِلَّا فِي كتاب لم يشْتَهر فِي عصره أَو اشْتهر فِيهِ وَلَكِن لم يشْتَهر فِي دياره لم يسغْ لَهُ النَّقْل عَنهُ إِلَّا أَن يكون مَا يُرِيد نَقله عَنهُ قد نَقله عَنهُ كتاب مَشْهُور فَيكون التعويل فِي النَّقْل عَلَيْهِ لَا على الْكتاب الآخر الَّذِي لم يشْتَهر
وَقَالَ بَعضهم مَا يُوجد من كَلَام رجل أَو مذْهبه فِي كتاب مَشْهُور مُعْتَمد عَلَيْهِ يجوز للنَّاظِر فِيهِ أَن يَقُول قَالَ فلَان كَذَا وَإِن لم يسمعهُ من أحد لِأَن وجود ذَلِك على هَذِه الصّفة بِمَنْزِلَة الْخَبَر الْمُتَوَاتر أَو المستفيض فَلَا يحْتَاج فِي مثله إِلَى إِسْنَاد
وَقد بحث جمَاعَة فِي عبارَة ابْن خير الْمَذْكُورَة فَقَالَ بَعضهم إِنَّه لَو لم يُورد الحَدِيث الدَّال على تَحْرِيم نِسْبَة الحَدِيث إِلَى النَّبِي ص = حَتَّى يتَحَقَّق أَنه قَالَ لَكَانَ مُقْتَضى كَلَامه منع إِيرَاد مَا يكون فِي الصَّحِيحَيْنِ أَو أَحدهمَا حَيْثُ لَا رِوَايَة لَهُ بِهِ وَجَوَاز نقل مَا لَهُ بِهِ رِوَايَة وَلَو كَانَ ضَعِيفا
وَأما مَا ادَّعَاهُ من الْإِجْمَاع فَيمكن حمله على إِجْمَاع مَخْصُوص وَهُوَ إِجْمَاع الْمُحدثين وَإِن قَالَ كثير من الْعلمَاء إِنَّه لم يقل بِهِ إِلَّا بعض الْمُحدثين