قلت قطع بعض الْمُحَقِّقين من أَصْحَابه فِي أصُول الْفِقْه بِوُجُوب الْعَمَل بِهِ عِنْد حُصُول الثِّقَة بِهِ وَقَالَ لَو عرض مَا ذَكرْنَاهُ على جملَة الْمُحدثين لأبوه
وَمَا قطع بِهِ هُوَ الَّذِي لَا يتَّجه غَيره فِي الْأَعْصَار الْمُتَأَخِّرَة فَإِنَّهُ لَو توقف الْعَمَل فِيهَا على الرِّوَايَة لانسد بَاب الْعَمَل بالمنقول لتعذر شَرط الرِّوَايَة فِيهَا على مَا تقدم فِي النَّوْع الأول وَالله أعلم
قَالَ بعض الْعلمَاء قد ذكر ابْن الصّلاح حكم الوجادة الْمُجَرَّدَة وَهِي مَا لَا يكون فِيهَا للواجد إجَازَة مِمَّن وجد ذَلِك بِخَطِّهِ وَلم يتَعَرَّض لحكم الوجادة مَعَ الْإِجَازَة وَقد اسْتعْمل ذَلِك غير وَاحِد من أهل الحَدِيث كَقَوْل بَعضهم وجدت بِخَط فلَان وَأَجَازَهُ لي وَقد لَا يُصَرح بِالْإِجَازَةِ كَقَوْل عبد الله بن أَحْمد وجدت بِخَط أبي حَدثنَا فلَان
وَهَذَا لَيْسَ فِيهِ شَيْء
والمروي بالوجادة الْمُجَرَّدَة فِي حكم الْمُنْقَطع والمرسل
وَقَالَ بَعضهم الأولى جعله فِي حكم الْمُعَلق
وَأَجَازَ جمَاعَة من الْمُتَقَدِّمين الرِّوَايَة بالوجادة مِمَّا لَيْسَ لَهُم بِهِ سَماع وَلَا إجَازَة ويروى عَن ابْن عمر أَنه قَالَ إِنَّه وجد فِي قَائِم سيف أَبِيه صحيفَة فِيهَا كَذَا
وَعَن يحيى ين سعيد الْقطَّان أَنه قَالَ رَأَيْت فِي كتاب عِنْدِي عَتيق لِسُفْيَان الثَّوْريّ حَدثنِي عبد الله بن ذكْوَان وَذكر حَدِيثا
وَعَن يزِيد بن أبي حبيب أَنه قَالَ أودعني فلَان كتابا أَو كلمة تشبه هَذِه فَوجدت فِيهِ عَن الْأَعْرَج
وَكَانَ يحدث بأَشْيَاء مِمَّا فِي الْكتاب وَلَا يَقُول أخبرنَا وَلَا حَدثنَا
وَالظَّاهِر أَنهم اقتصروا فِي ذَلِك على من سمعُوا مِنْهُ فِي الْجُمْلَة وَعرفُوا حَدِيثه مَعَ إيرادهم لَهُ بوجدت أَو رَأَيْت وَنَحْوهَا
وَقد كره الرِّوَايَة عَن الصُّحُف غير المسموعة غير وَاحِد من السّلف وَمنعُوا النَّقْل وَالرِّوَايَة بالوجادة الْمُجَرَّدَة وَلذَا قَالَ بَعضهم إِن مَا وَقع من ذَلِك لَيْسَ من