وَإِنَّمَا قيدوا أصل الأَصْل بِكَوْنِهِ قد قوبل عَلَيْهِ الأَصْل لِأَنَّهُ قد يكون لشيخه عدَّة أصُول قد قوبل أصل شَيْخه بأحدها فَإِنَّهَا لَا تَكْفِي الْمُقَابلَة بِغَيْرِهِ لاحْتِمَال أَن تكون فِيهِ زِيَادَة أَو نقص فَيكون قد أَتَى بِشَيْء لم يروه شَيْخه لَهُ أَو حذف شَيْئا مِمَّا رَوَاهُ شَيْخه لَهُ
وَيُقَال للمقابلة الْمُعَارضَة تَقول قابلت الْكتاب بِالْكتاب مُقَابلَة إِذا جعلته قبالة الآخر وصيرت فِيهِ مثل مَا فِي الآخر
وعارضت الْكتاب بِالْكتاب مُعَارضَة إِذا عرضته على الآخر وصيرت مَا فِيهِ مثل مَا فِي الآخر
وَقد تسمى الْمُعَارضَة عرضا
والمقابلة متعينة لَا بُد مِنْهَا
قَالَ هِشَام بن عُرْوَة قَالَ لي أبي أكتبت قلت نعم قَالَ عارضت قلت لَا قَالَ لم تكْتب
وَقَالَ أَفْلح بن بسام كنت عِنْد القعْنبِي فَقَالَ لي كتبت قلت نعم قَالَ عارضت قلت لَا قَالَ لم تصنع شَيْئا
وَقَالَ الْأَخْفَش إِذا نسخ الْكتاب وَلم يُعَارض ثمَّ نسخ مِنْهُ وَلم يُعَارض خرج أعجميا
وَقَالَ بَعضهم من كتب وَلم يُقَابل فَهُوَ كمن غزا وَلم يُقَاتل
وَأفضل الْمُعَارضَة أَن يُعَارض الطَّالِب كِتَابه بِنَفسِهِ مَعَ شَيْخه بكتابه فِي حَال تحديثه بِهِ فَإِنَّهُ يحصل فِي ذَلِك غَالِبا من وُجُوه الِاحْتِيَاط من الْجَانِبَيْنِ مَا لَا يحصل فِي غَيره
هَذَا إِذا كَانَ كل مِنْهُمَا أَهلا لهَذَا الْأَمر وَذَا عناية بِهِ فَإِن لم تَجْتَمِع هَذِه الْأَوْصَاف نقص من مرتبته بِقدر مَا فَاتَهُ مِنْهَا
وَقيد ابْن دَقِيق الْعِيد الْأَفْضَلِيَّة بتمكن الطَّالِب مَعَ ذَلِك من التثبت فِي الْقِرَاءَة وَالسَّمَاع وَإِلَّا فتقديم الْمُقَابلَة حِينَئِذٍ أولى بل قَالَ إِنَّه يَقُول إِنَّه أولى مُطلقًا لِأَنَّهُ إِذا قوبل أَولا كَانَ فِي حَال السماع أيسر وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إِذا وَقع إِشْكَال كشف عَنهُ وَضبط فقرئ على الصِّحَّة فكم من جُزْء قرئَ بَغْتَة فَوَقع فِيهِ أغاليط وتصحيفات لم يتَبَيَّن صوابها إِلَّا بعد الْفَرَاغ فأصلحت
وَرُبمَا كَانَ ذَلِك على خلاف مَا وَقعت الْقِرَاءَة عَلَيْهِ فَكَانَ كذبا إِن قَالَ قَرَأت لِأَنَّهُ لم يقْرَأ على ذَلِك الْوَجْه
وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو الْفضل الجارودي أصدق الْمُعَارضَة مَعَ نَفسك
وَقَالَ