والكشط مَأْخُوذ من قَوْلهم كشط الْبَعِير إِذا نزع جلده وَلَا يُقَال فِيهِ سلخ وَإِنَّمَا يُقَال ذَلِك فِي الشَّاة تَقول سلخ الشَّاة إِذا نزع جلدهَا
ومرادهم بالكشط هُنَا الحك والبشر والبشر مَأْخُوذ من قَوْلهم بشرت الْأَدِيم إِذا قشرت وَجهه
وَالْأَكْثَر من الِاسْتِعْمَال لفظ الحك لإشعاره بالرفق بالقرطاس وَقد وَقع الكشط فِي قَول الشَّاعِر فِي ذمّ كَاتب
(حذقك فِي الكشط دَلِيل على ... أَنَّك فِي الْخط كثير الْغَلَط)
وَأما المحو فَإِنَّهُ يسود غَالِبا القرطاس وَهُوَ لَا يُمكن إِلَّا إِذا كَانَت الْكِتَابَة فِي لوح أَو رق أَو ورق صقيل جدا وَكَانَ الْمَكْتُوب فِي حَال الطراوة
وتتنوع طرق المحو فَتَارَة يكون بالإصبع وَتارَة يكون بخرقه
وَمن أغربها مَعَ أَنه أسلمها مَا رُوِيَ عَن سَحْنُون بن سعد أحد الْأَئِمَّة من فُقَهَاء الْمَالِكِيَّة أَنه كَانَ رُبمَا كتب الشَّيْء ثمَّ لعقه
وَهَذَا يُومِئ إِلَى مَا رُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه كَانَ يَقُول من الْمُرُوءَة أَن يرى فِي ثوب الرجل وشفتيه مداد
وَذكر عَن أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ أَن ثِيَابه كَانَت كَأَنَّمَا أمْطرت مدادا وَكَانَ لَا يأنف من ذَلِك
وَذكر عَن عبيد الله بن سُلَيْمَان أَنه رأى على ثَوْبه أثر صفرَة فَأخذ من مداد الدواة وطلاه بِهِ ثمَّ قَالَ المداد بِنَا أحسن من الزَّعْفَرَان وَأنْشد
(إِنَّمَا الزَّعْفَرَان عطر العذارى ... ومداد الدوي عطر الرِّجَال)
ويحكى عَن بعض الْفُضَلَاء أَنه كَانَ يَأْكُل طَعَاما فَوَقع مِنْهُ على ثَوْبه فَكَسَاهُ حبرًا وَقَالَ هَذَا أثر علم وَذَاكَ أثر شَره
وللأديب أبي الْحسن الفنجكردي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute