وَقَالَ بعض عُلَمَاء الرَّسْم الإمالة هِيَ أَن ينحى بالفتحة نَحْو الكسرة وبالألف إِن كَانَت بعْدهَا نَحْو الْيَاء فَإِن كَانَ جُزْء الكسرة أَكثر سميت مَحْضَة وَرُبمَا عبر عَنْهَا بِالْكَسْرِ وَإِن كَانَ جُزْء الكسرة أقل سميت تقليلا وَإِن تَسَاويا سميت بَين بَين
وَهَذَا يدل على أَن بَين الفتحة والكسرة ثَلَاثَة حركات وَمَا سبق يدل على أَن بَينهمَا حركتين وَإِذا أمعنت النّظر تبين لَك أَن هَذَا من قبيل اخْتِلَاف الْعبارَات لاخْتِلَاف الاعتبارات
قَالَ بعض الْقُرَّاء الْفَتْح وَيُقَال لَهُ التفخيم يَنْقَسِم إِلَى قسمَيْنِ فتح شَدِيد وَفتح متوسط
فالفتح الشَّديد هُوَ نِهَايَة فتح الْقَارئ فَمه بِلَفْظ الْحَرْف المفتوح وَهُوَ مَعْدُوم فِي لُغَة الْعَرَب والقراء يعدلُونَ عَنهُ وَأكْثر مَا يُوجد فِي أَلْفَاظ أهل خُرَاسَان وَمن قرب مِنْهُم فِيمَا إِذا كَانَ بعد الْفَتْح ألف وَهُوَ مَكْرُوه عِنْد الْقُرَّاء معيب فِي الْقِرَاءَة غير أَن الْكَرَاهَة فِي ذَلِك أخف من الْكَرَاهَة فِيمَا لَيْسَ بعده ألف وَذَلِكَ مثل مَا يَفْعَله بعض النَّاس فِي لَام عَلَيْهِم ودال لديهم
وَالْفَتْح الْمُتَوَسّط هُوَ مَا يكون بَين الْفَتْح الشَّديد والإمالة الصُّغْرَى وَهُوَ الَّذِي يَسْتَعْمِلهُ أهل الْفَتْح من الْقُرَّاء وَإِنَّمَا نبهنا عل هَذِه لما ذكره بعض الجهابذة من أَن بعض من يسْتَعْمل الْفَتْح الشَّديد يزْعم أَنه الْفَتْح الْمُتَوَسّط وينسب من اسْتعْمل الْفَتْح الْمُتَوَسّط إِلَى الإمالة
وَقد حذر بعض أَرْبَاب الْفَنّ من تفخيم الْعَجم وترقيق الْعَرَب وَالْمرَاد بتفخيم الْعَجم الْفَتْح الشَّديد الَّذِي اعتاده أهل التفخيم مِنْهُم وَالْمرَاد بترقيق الْعَرَب